للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ - إذَا فَضَلَ فَضْلُ أَحَدِهِمَا - وَلَمْ يَجْعَلْهُ سَلَفًا، وَأَسْقَطَ عَنْهُ الضَّمَانَ، وَجَعَلَ لَهُ الْأَجْرَ، أَسْقَطْتُ أَنَا عَنْهُ نِصْفَ قِيمَةِ فَضْلِ الْمَتَاعِ، وَأَعْطَيْتُهُ لِعَمَلِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ شَرِيكِهِ نِصْفَ عَمَلِ مِثْلِهِ، وَلَمْ أَرَهُ بَيْعًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ، اشْتَرَكَا بِأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، أَخْرَجَ هَذَا مِسْكًا وَأَخْرَجَ هَذَا عَنْبَرًا وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ؟ قَالَ: هَذَا جَائِزٌ. قُلْتُ: وَلِمَ؟ وَهَذَا مِمَّا يُوزَنُ وَيُكَالُ.

قَالَ: إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ، مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ وَيُوزَنُ فِي الشَّرِكَةِ، إذَا كَانَا مِنْ نَوْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً، لِأَنَّ مَحْمَلَهُمَا فِي الْبُيُوعِ قَرِيبٌ مِنْ الصَّرْفِ. فَكَمَا كَرِهَ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الشَّرِكَةَ إنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً، فَكَذَلِكَ كَرِهَ لِي مَالِكٌ، كُلَّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُشْبِهُ الصَّرْفَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعُرُوضَ وَمَا سِوَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، مِمَّا يُوزَنُ وَيُكَالُ وَمِمَّا لَا يُوزَنُ وَلَا يُكَالُ، هَلْ يُجَوِّزُ مَالِكٌ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا، إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا نَوْعَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ، وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ وَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ؟ قَالَ؛ نَعَمْ، هَذَا جَائِزٌ، لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، عَلَى الْعُرُوضِ يَشْتَرِكَانِ بِهِ فِي نَوْعَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ، إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ سَوَاءً وَالْعَمَلُ بِالسَّوِيَّةِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ: وَلَمْ أَسْأَلْ مَالِكًا عَمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ، وَلَكِنْ إنَّمَا سَأَلْتُهُ عَنْ الْعُرُوضِ فَجَوَّزَهَا لِي. فَمَسْأَلَتُكَ هِيَ مِنْ الْعُرُوضِ، فَأَرَى الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا جَائِزَةً. قُلْتُ: فَالشَّرِكَةُ بِالْعُرُوضِ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، بِالْعُرُوضِ وَبِالدَّنَانِيرِ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَتَجُوزُ أَيْضًا بِالطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَبِالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ شَرِيكَيْنِ اشْتَرَكَا بِالْعُرُوضِ، شَرِكَةً فَاسِدَةً أَوْ صَحِيحَةً، فَافْتَرَقَا بَعْدَ مَا قَدْ عَمِلَا. كَيْفَ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ؟ أَيَكُونُ لَهُ رَأْسُ مَالِهِ يَوْمَ يَقْتَسِمَانِ، أَوْ رَأْسُ مَالِهِ يَوْمَ وَقَعَتْ الشَّرِكَةُ، فَاسِدَةً كَانَتْ أَوْ صَحِيحَةً؟ قَالَ: أَمَّا الصَّحِيحَةُ، فَعَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا عَلَى مَا قَوَّمَا عَلَيْهِ سِلْعَتَيْهِمَا وَاشْتَرَكَا.

وَأَمَّا الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ، فَيَرُدَّانِ إلَيْهِ مَا بَلَغَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مِمَّا بَلَغَتْهُ بِهِ سِلْعَتَاهُمَا فِي الْبَيْعِ، وَيَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: أَمَّا فِي الصَّحِيحَةِ فَنَعَمْ، هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَأَمَّا فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ، فَهُوَ رَأْيِي، مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى إذَا اشْتَرَكَا بِهَا: إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَ مَالِهِ يَوْمَ وَقَعَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، وَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَالْوَضِيعَةُ، فَكَذَلِكَ الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ فِي الْعُرُوضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>