للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشَرَ دِينَارًا عِنْدَ رَبِّهَا سَنَةً، أَيَكُونُ عَلَى الْمُقَارَضِ فِي نِصْفِ دِينَارِهِ هَذِهِ الَّذِي رَبِحَهُ فِي عَمَلِ يَوْمِهِ ذَلِكَ، فَصَارَ لَهُ فِي حِصَّتِهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَيْسَ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ زَكَاةٌ، وَرِبْحُ الْعَامِلِ لَيْسَ هُوَ لِرَبِّ الْمَالِ، فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَكَاةٌ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ، فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، وَقَدْ زَكَّى مَالَهُ ذَلِكَ، وَمَضَى لِمَالِهِ ذَلِكَ بَعْدَ مَا زَكَّاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَعَمِلَ الْعَامِلُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ اقْتَسَمَا، فَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَأَخَذَ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مَنْ الرِّبْحُ، ثُمَّ مَضَتْ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ زَكَّى رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ. قَالَ: رَبُّ الْمَالِ: يُزَكِّي مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ الَّذِي صَارَ لَهُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يُزَكِّيَ مَا صَارَ لَهُ فِي رِبْحِهِ، إلَّا أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى مَا صَارَ لَهُ فِي رِبْحِهِ، مِنْ يَوْمِ اقْتَسَمَا وَأَخَذَ حِصَّتَهُ، وَفِي يَدَيْهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَصَاعِدًا مِنْ رِبْحِهِ، أَوْ مِنْ مَالٍ كَانَ لَهُ قَبْلَ رِبْحِهِ إنْ ضَمَّهُ إلَى رِبْحِهِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ عَلَى الْمَالِ الْحَوْلُ، وَرِبْحُهُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّ الْفَائِدَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ رِبْحِهِ إلَى الرِّبْحِ، فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

[فِي الْقِرَاضِ يَتْلَفُ ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَا بَقِيَ فَيَرْبَحُ فِيهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا، فَلَمْ يَعْمَلْ بِالْمَالِ حَتَّى ضَاعَ مِنْهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ عَمِلَ فَرَبِحَ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِالْمَالِ حَتَّى ضَاعَ مِنْهُ قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمِلَ فِي الْمَالِ فَخَسِرَ، فَأَتَى إلَى رَبِّ الْمَالِ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْت فِي الْمَالِ فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: اعْمَلْ بِمَا بَقِيَ عِنْدَك، فَعَمِلَ فَرَبِحَ، أَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: لَا أَعْمَلُ بِهِ حَتَّى تَجْعَلَ هَذَا الْبَاقِيَ رَأْسِ مَالِكَ، وَتُسْقِطَ عَنِّي مَا قَدْ خَسِرْتُ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: نَعَمْ، اعْمَلْ بِهَذَا، وَقَدْ أَسْقَطْتُ عَنْكَ مَا قَدْ خَسِرْتَ؟ قَالَ: أَرَى أَنَّهُ عَلَى قِرَاضِهِ أَبَدًا، مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالَهُ وَيُفَاصِلْهُ، وَهُوَ رَأْيِي.

وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ وَيَتَبَرَّأَ مِنْهُ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ إنْ أَحَبَّ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَحْضَرَهُ وَحَاسَبَهُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ، فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ عَنْ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت مَالًا قِرَاضًا، فَذَهَبَ اللُّصُوصُ بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ سَقَطَ مِنِّي نِصْفُ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَ فِي الْمَالِ، ثُمَّ عَمِلْتُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَرَبِحْتُ فِيهِ مَالًا، كَيْفَ يَكُون هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَتْ اللُّصُوصُ، وَاَلَّذِي ضَاعَ مِنْ الرِّبْحِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>