للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ صَدِيقًا لَهُ أَرَادَ أَنْ يَنْفَعَهُ فِي تَخْرِيجِهِ وَتَعْلِيمِهِ، فَلَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا. قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا مِمَّا يُفْسِدُ مِنْ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ وَالشَّرْطِ فِي الْقِرَاضِ.

[فِي الْمُقَارَضِ يُدْفَعُ إلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى النِّصْفِ فَرَبِحَ فِيهَا أَلْفًا أُخْرَى فَيَأْتِيهِ رَبُّ الْمَالِ بِأَلْفٍ أُخْرَى عَلَى أَنْ يَخْلِطَهَا عَلَى النِّصْفِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ، فَعَمِلَ بِهَا فَرَبِحَ أَلْفًا أُخْرَى، ثُمَّ أَتَاهُ رَبُّ الْمَالِ فَقَالَ لَهُ: هَذِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أُخْرَى خُذْهَا قِرَاضًا بِالنِّصْفِ وَاخْلِطْهَا بِالْمَالِ الْأَوَّلِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ حِينَ قَالَ لَهُ اخْلِطْهَا وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: اخْلِطْهَا بِالْمَالِ الْأَوَّلِ.

فَإِنْ وَضَعْتَ فِي هَذَا الْمَال الثَّانِي، جَبَرْتَهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي فِي يَدَيْكَ مِنْ الْمَالِ الْأَوَّلِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُل دَفَعَ إلَى رَجُلٌ مَالًا قِرَاضًا، فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً، ثُمَّ دَفَعَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى رَبُّ الْمَالِ مَالًا آخَرَ، فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَتَيْنِ جَمِيعًا فَرَبِحَ فِي إحْدَاهُمَا وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَالٍ مِنْهُمَا عَلَى قِرَاضِهِ، وَلَا يُجِيزُ نُقْصَانَ هَذَا الْمَالِ مِنْ رِبْحِ هَذَا الْمَالِ. قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ حَتَّى دَفَعْت إلَيْهِ مَالًا آخَرَ قِرَاضًا بِالثُّلُثِ، عَلَى أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَيْنِ جَمِيعًا، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ، عَلَى أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ الْمِائَتَيْنِ - قِرَاضًا - عَلَى الثُّلُثِ، وَالْأُخْرَى قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ إذَا كَانَ لَا يَخْلِطُهُمَا.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُرْجِعُ حِسَابَهُ إلَى جُزْءٍ مَعْرُوفٍ، وَكَذَلِكَ الَّذِي دَفَعَ مَالًا بَعْدَ مَالٍ قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ، ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَالٍ آخَرَ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ، عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِالْمَالِ الْأَوَّلِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا يُعْجِبُنِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ بَيِّنٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنْ نَقَصَ فِي الْمَالِ الْآخَرِ وَرَبِحَ فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ جَبَرَهُ بِرِبْحِ الْمَالِ الْأَوَّلِ وَقَدْ كَانَ رِبْحُهُمَا لِلْعَامِلِ؟ وَإِنْ نَقَصَ فِي الْمَالِ الْأَوَّلِ وَرَبِحَ فِي الْآخَرِ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا؟ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ السِّلْعَةِ فَضْلٌ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: هَذَا لَا يُعْرَفُ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَتَحَوَّلُ، وَلَا يُعْجِبُنِي عَلَى حَالٍ قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ حَتَّى زَادَهُ مَالًا آخَرَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِالْمَالِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَهَذَا كَأَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ كُلَّهُ جُمْلَةً قَالَ: وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>