للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَالِ وَالرِّبْحُ لَهُ. وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، فَتَعَدَّى فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَرَبِحَ فِيهَا. فَالرِّبْحُ لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْوَدِيعَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فَارًّا مِنْ الْقِرَاضِ إذَا قَالَ لَهُ: لَا تَشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، فَذَهَبَ فَاشْتَرَاهَا. فَهَذَا الَّذِي فَرَّ مِنْ الْقِرَاضِ إلَى هَذِهِ السِّلْعَةِ الَّتِي نَهَاهُ عَنْهَا لِيَذْهَبَ بِرِبْحِ الْمَالِ فَجَعَلَ مَالِكٌ الرِّبْحَ عَلَى قِرَاضِهِمَا وَالْوَضِيعَةَ عَلَى الْعَامِلِ لِتَعَدِّيهِ.

[فِي الْعَامِلِ يَبْدُو لَهُ فِي تَرْكِ الْقِرَاضِ وَالْمَالُ عَلَى الرِّجَالِ أَوْ فِي السِّلَعِ]

ِ قُلْتُ: فَإِنْ بَاعَ الْعَامِلُ أَوْ اشْتَرَى، وَقَدْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَال أَنْ يَبِيعَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ، فَاشْتَرَى وَبَاعَ حَتَّى صَارَ جَمِيعُ مَالِ الْقِرَاضِ دَيْنًا عَلَى النَّاسِ وَفِيهِ وَضِيعَةٌ، فَقَالَ الْعَامِلُ لِرَبِّ الْمَالِ: أَنَا أُحِيلُك عَلَيْهِمْ وَلَا أَقْتَضِي وَلَا أَعْمَلُ فِيهِ؟ قَالَ: يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْتَضِي وَلَا أَقْبِضُ، إلَّا أَنْ يَرْضَى رَبُّ الْمَالِ بِالْحَوَالَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ: قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَقَدْ صَارَ كُلُّهُ دَيْنًا فَقَالَ لَا أَقْتَضِيهِ، أَيُجْبَرُ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَيَرْضَى بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالُ قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فِي بَلَدٍ، فَأَجْبَرْتُهُ عَلَى أَنْ يَقْتَضِيَهُ وَقَدْ خَسِرَ فِيهِ، أَتَجْعَلُ نَفَقَتَهُ إذَا سَافَرَ لِيَقْتَضِيَهُ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى سِلَعًا بِجَمِيعِ الْمَالِ يَرْجُو بِهَا الْأَسْوَاقَ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ: أَنَا آخُذُ قِيمَةَ رَأْسِ مَالِي مِنْ هَذِهِ السِّلَعِ، وَأُقَاسِمُكَ مَا بَقِيَ عَلَى مَا اشْتَرَطْنَا مِنْ الرِّبْحِ وَيَأْبَى ذَلِكَ الْعَامِلُ؟ قَالَ: ذَلِكَ إلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا أَرْجُو فِي هَذِهِ السِّلَعِ الَّتِي يَأْخُذُهَا رَبُّ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا الْيَوْمَ، إنْ ازْدَادَ فِيهَا إذَا جَاءَتْ أَسْوَاقُهَا، لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الْعَامِلِ يُرِيدُ بَيْعَ مَا مَعَهُ، فَيَقُولُ رَبُّ الْمَالِ: أَنَا آخُذُهَا بِمَا تَسْوَى: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْ النَّاسِ سَوَاءٌ

[فِي الْمُقَارِضِ يَمُوتُ أَوْ الْمُقَارَضِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا قِرَاضًا فَهَلَكَ الرَّجُلَانِ وَقَدْ عَمِلَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الرَّجُلِ يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالُ قِرَاضًا يَعْمَلُ فِيهِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُقَارَضُ، قَالَ: إنْ كَانَ وَرَثَتُهُ مَأْمُونِينَ، قِيلَ لَهُمْ: تَقَاضَوْا هَذَا الْمَالَ، وَبِيعُوا مَا بَقِيَ فِي يَدَيْ صَاحِبِكُمْ مِنْ السِّلَعِ، وَأَنْتُمْ عَلَى الرِّبْحِ الَّذِي كَانَ لِصَاحِبِكُمْ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَأْمُونِينَ، فَأَتَوْا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ.

وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا مَأْمُونِينَ، أُسْلِمَ الْمَالُ الدَّيْنُ أَوْ الْعُرُوض وَجَمِيعُ مَالِ الْقِرَاضِ إلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ الرِّبْحِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ. فَاَلَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ، يُقَالُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لِوَرَثَةِ هَذَا. قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>