للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يَحْلِفُ هَذَا الَّذِي زُعِمَتْ أَنَّهَا لَهُ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَكَ هَذَا إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُكَ لَهُ؛ لِأَنَّكَ تُقِرُّ بِشَيْءٍ يَبْقَى فِي يَدَيْكَ فَتُتَّهَمُ.

قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَشْهَدُ فِي الشَّيْءِ قَدْ جَعَلَ عَلَى يَدَيْهِ الْمَالَ أَوْ غَيْرَهُ: أَنَّ فُلَانًا الَّذِي وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْهِ قَدْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ، قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ حَاضِرًا، فَأَرَى شَهَادَتَهُ جَائِزَةً. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ أَرَ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ هَهُنَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَبْقَى فِي يَدَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ غَائِبًا، وَإِنَّمَا هِيَ الْغَيْبَةُ الَّتِي يُنْتَفَعُ فِيهَا بِالْمَالِ.

[فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْقِتَالِ وَالْقَذْفِ وَالطَّلَاقِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَمِعَ رَجُلٌ رَجُلًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَقُولُ رَأَيْت فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا، أَوْ يَقُولُ: سَمِعْت فُلَانًا يَقْذِفُ فُلَانًا أَوْ يَقُولُ: سَمِعْت فُلَانًا طَلَّقَ فُلَانَةَ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ إلَّا أَنَّهُ مَرَّ فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، أَيَشْهَدُ بِهَا وَإِنَّمَا مَرَّ فَسَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ بِهَا وَلَمْ يَشْهَدْهُ؟

قَالَ: لَا يَشْهَدُ بِهَا، وَلَكِنْ إنْ مَرَّ رَجُلٌ فَسَمِعَ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، أَوْ سَمِعَ رَجُلًا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يُشْهِدَاهُ، قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَاهُ قَالَ: وَيَأْتِي مَنْ لَهُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ فَيُعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ هَذَا مِنْ مَالِكٍ فِي الْحُدُودِ، أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّل فَإِنَّمَا سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِالرَّجُلَيْنِ وَهُمَا يَتَكَلَّمَانِ فِي الشَّيْءِ وَلَمْ يُشْهِدَاهُ، فَيَدْعُوهُ بَعْضُهُمَا إلَى الشَّهَادَةِ، أَتَرَى أَنْ يَشْهَدَ؟

قَالَ: لَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْتَوْعَبَ كَلَامَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الَّذِي سَمِعَ لَعَلَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَهُ كَلَامٌ يُبْطِلُهُ أَوْ بَعْدَهُ. ابْنُ وَهْبٍ وَقَدْ قَالَ إنَّ السَّمَاعَ شَهَادَةٌ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ. ابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: إذَا قَالَ سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا أَخَذْتُهُ لَهُ مِنْهُ، وَإِذَا قَالَ سَمِعْتُ فُلَانًا يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا لَمْ أَقْبَلْهُ، وَبِهِ يَأْخُذُ سُفْيَانُ، وَكَانَ رَأْيُ سُفْيَانَ أَنَّ السَّمَاعَ شَهَادَةٌ.

[فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الْوَلَاءِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُمَا سَمِعَا أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ هَذَا، لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ هَذَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى السَّمَاعِ، أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّهُ مَوْلَاهُ، أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَكُنْ إلَّا ذَلِكَ مِنْ الْبَيِّنَةِ. فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَعْجَلُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُثْبِتَ إنْ جَاءَ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَإِلَّا قَضَى لَهُ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ يَمِينِهِ.

قَالَ: وَقَالَ لَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>