للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفَعَ إلَيَّ شَيْئًا؟

قَالَ: فَاحْلِفْ لِي فَأَتَوْا إلَى مَالِكٍ فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: لَا أَرَى هَذَا خُلْطَةً وَلَا أَرَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ.

قَالَ: وَأَرَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ عِنْدِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت قِبَلَ رَجُلٍ دَيْنًا، أَوْ اسْتِهْلَاكَ مَتَاعٍ أَوْ غَصْبًا، أَيَأْخُذُ لِي السُّلْطَانُ مِنْهُ كَفِيلًا أَوْ يُحْلِفُهُ لِي؟

قَالَ: إنَّمَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي هَذَا إلَى الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِمُخَالَطَةٍ فِي دَيْنٍ أَوْ تُهْمَةٍ فِيمَا ادَّعَى قِبَلَهُ، نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ. فَإِمَّا أَحَلَفَهُ وَإِمَّا أَخَذَ لَهُ كَفِيلًا حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ. وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ وَإِلَّا لَمْ يَعْرِضْ لَهُ السُّلْطَانُ.

قَالَ: وَلَقَدْ قَالَ مَالِكٌ، فِي الْمَرْأَةِ تَدَّعِي أَنَّ رَجُلًا اسْتَكْرَهَهَا بِأَنَّهُ، إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالْفِسْقِ جُلِدَتْ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِالْفِسْقِ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يَكُنْ يُحَلِّفُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ خُلْطَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ السَّبْعَةِ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَأَخَذَ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا نُعَلِّقُ الْيَمِينَ إلَّا أَنْ تَكُونَ خُلْطَةٌ. وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.

[فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي أَنَّهُ اكْتَرَى مِنْهُ دَابَّةً]

ً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى رَجُلٍ، ادَّعَى أَنَّهُ اكْتَرَى مِنْهُ دَابَّتَهُ وَأَنْكَرَ رَبُّ الدَّابَّةِ أَتُحَلِّفُهُ؟

قَالَ: لِهَذَا وُجُوهٌ: إنْ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مُكَارِيًا يُكْرِي دَابَّتَهُ مِنْ النَّاسِ، رَأَيْتُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ. وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِمُكَارٍ وَلَا مِثْلُهُ يُكْرِي، لَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُكَارِيَ ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَى دَابَّتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَلَا يَمِينَ لِلْمُكَارِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ لَا يَشَاءُ رَجُلٌ فِيهَا أَنْ يَسْتَحْلِفَ رَجُلًا بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا اسْتَحْلَفَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>