للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَذَرَتْ مَشْيًا إلَى بَيْتِ اللَّهِ وَصَدَقَةَ مَالِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ: لِسَيِّدِهَا أَنْ يَمْنَعَهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ يَوْمًا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَنْ تَفْعَلَ مَا نَذَرَتْ مِنْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ إنْ كَانَ مَالُهَا فِي يَدِهَا الَّذِي حَلَفَتْ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا وَقَدْ قَالَ لِي أَوْ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ فِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ، نَذْرًا مِنْ نَذْرٍ يُوجِبَانِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَنَّهُمَا إذَا أُعْتِقَا لَزِمَهُمَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَذِنَ لَهُمَا أَنْ يَفْعَلَا ذَلِكَ فِي حَالِ رِقِّهِمَا فَيَجُوزُ لَهُمَا ذَلِكَ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ؟

قَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ يَدْخُلُ فِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ ضَرَرٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا يَكُونُ فِيهِ تَرْكًا لِسِعَايَتِهِ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَرَرٌ عَلَى سَيِّدِهِ.

قُلْتُ: وَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمِنْ ضَرَرِ هَذَا الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ لَوْ أَجَزْتُ لَهُ اعْتِكَافَهُ أَشْهُرًا فَعَجَزَ فِيهَا لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْ اعْتِكَافِهِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: أَتَعْتَكِفُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا؟ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُوضَعُ لِلَّهِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ، قَالَ: تَمْضِي عَلَى اعْتِكَافِهَا حَتَّى تَفْرُغَ مِنْهُ، ثُمَّ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَتَعْتَدَّ فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا.

قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ الِاعْتِكَافَ فَلَا تَعْتَكِفْ، وَإِنْ هِيَ طَلُقَتْ وَهِيَ فِي مُعْتَكَفِهَا اعْتَدَّتْ فِي مُعْتَكَفِهَا مَا كَانَتْ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهَا إنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَ اعْتِكَافَهَا خَرَجَتْ فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ حَتَّى تَقْضِيَ اعْتِكَافَهَا. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إذَا طَلُقَتْ فَلَا تَعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَحِلَّ، مِثْلَ مَا قَالَ رَبِيعَةُ: إنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ الِاعْتِكَافَ فَلَا تَعْتَكِفُ.

[قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ]

فِي قَضَاءِ الِاعْتِكَافِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَكِفَ إذَا انْتَقَضَ اعْتِكَافُهُ أَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

[إيجَابِ الِاعْتِكَافِ وَالْجِوَارِ وَمَوْضِعِ الِاعْتِكَافِ]

فِي إيجَابِ الِاعْتِكَافِ وَالْجِوَارِ وَمَوْضِعِ الِاعْتِكَافِ قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا الَّذِي يَجِبُ بِهِ الِاعْتِكَافُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: إذَا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَنَوَى أَيَّامًا لَزِمَهُ مَا نَوَى، قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا يَعْتَكِفُهَا لَزِمَهُ مَا نَذَرَ. قَالَ مَالِكٌ: وَالِاعْتِكَافُ وَالْجِوَارُ سَوَاءٌ، إلَّا مَنْ نَذَرَ مِثْلَ جِوَارِ مَكَّةَ يُجَاوِرُ النَّهَارَ وَيَنْقَلِبُ اللَّيْلَ إلَى أَهْلِهِ، قَالَ: فَمَنْ جَاوَرَ هَذَا الْجِوَارَ الَّذِي يَنْقَلِبُ بِهِ اللَّيْلَ إلَى مَنْزِلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>