للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمُسَاقِي وَالرَّاعِي وَالصُّنَّاعِ يُفْلِسُ مَنْ اسْتَعْمَلَهُمْ]

فِي الْمُسَاقِي وَالرَّاعِي وَالصُّنَّاعِ يُفْلِسُ مَنْ اسْتَعْمَلَهُمْ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ فِي زَرْعٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ يَسْقِيهِ فَسَقَى ثُمَّ فُلِّسَ صَاحِبُهُ، فَسَاقِيهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَإِنْ مَاتَ رَبُّ الْأَصْلِ أَوْ الزَّرْعِ، فَالْمُسَاقِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ فِي إبِلٍ يَرْعَاهَا أَوْ يُرْحِلُهَا، أَوْ دَوَابَّ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا. وَكُلُّ ذِي صَنْعَةٍ، مِثْلُ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالصَّائِغِ وَمَا يُشْبِهُهُمْ، فَهُمْ أَحَقُّ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا. وَكُلُّ مَنْ تُكُورِيَ عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ فَحَمَلَهُ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ، فَالْمُكْرَى أَوْلَى بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ جَمِيعًا. قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَحَوَانِيتُ يَسْتَأْجِرُهَا النَّاسُ يَبِيعُونَ فِيهَا الْأَمْتِعَاتِ فَيُفْلِسُ مُكْتَرِيهَا، فَيَقُولُ أَهْلُ الْحَوَانِيتِ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمَا فِيهَا حَتَّى نَسْتَوْفِيَ كِرَاءَنَا، وَيَقُولُ الْغُرَمَاءُ: بَلْ أَنْتُمْ أُسْوَتُنَا؟

قَالَ: هُمْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا كِرَاءُ الْحَوَانِيتِ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَكَارَى دَارًا لِيَسْكُنَهَا، فَأَدْخَلَ فِيهَا مَتَاعَهُ وَعِيَالَهُ وَرَقِيقَهُ، أَفَيَكُونُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ مِنْ الْغُرَمَاءِ أَوْ لَا يَكُونُ أَوْلَى؟ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَى رَجُلٌ إبِلَهُ فَأَسْلَمَ الْإِبِلَ إلَى الْمُتَكَارِي، فَمَاتَ الْمُتَكَارِي أَوْ فُلِّسَ لَمْ يَدَعْ مَالًا، إلَّا حُمُولَتَهُ الَّتِي حَمَلَ عَلَى الْإِبِلِ، أَيَكُونُ الْجَمَّالُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ أَوْ يَكُونُ أَوْلَى بِهَا؟

قَالَ: الْجَمَّالُ أَوْلَى بِهَا.

قُلْتُ: لِمَ، وَلَمْ يُسْلِمْ إلَى الْجَمَّالِ الْمَتَاعَ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ الْمَتَاعَ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدَيْهِ؟

قَالَ: لَيْسَ الَّذِي قَالَ لَنَا مَالِكٌ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَسْلَمَ الْمَتَاعَ إلَيْهِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا بَلَغَتْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَلَى إبِلِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمَّالَ بِعَيْنِهِ، لَوْ كَانَ فِي الْإِبِلِ وَكَانَ مَعَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ وَهُوَ مَعَ الْمَتَاعِ، أَنَّ الْجَمَّالَ أَوْلَى بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَالْجَمَّالُ بِمَنْزِلَةِ الصُّنَّاعِ، غَابَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَوْ حَضَرَ. حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا فُلِّسَ الرَّجُلُ وَلَهُ حُلِيٌّ عِنْدَ صَائِغٍ قَدْ صَاغَهُ لَهُ، كَانَ هُوَ أَوْلَى بِأَجْرِهِ وَلَمْ يُحَاصَّهُ الْغُرَمَاءُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدَيْهِ.

[فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرُونَ أَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ أَمْوَالَهُمْ]

ْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُفْلِسُ، وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرُونَ وَلَهُمْ أَمْوَالٌ، أَفَتَرَى أَنْ يُجْبِرَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يُجْبِرُوهُ عَلَى أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ حِينَ أَفْلَسَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَخَذَهَا وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ هُوَ فَيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ أَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ، أَيَكُونُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>