للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ؟ فَقَالَ: يُطْعَمُ عَنْهُ فِي رَأْيِي وَيُطْعَمُ عَدَدَ الْأَيَّامِ مَسَاكِينُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مُدٌّ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ مَرِيضًا لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافًا أَيَّامًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ، أَيُطْعَمُ عَنْهُ أَمْ لَا وَقَدْ أَوْصَى فَقَالَ: أَطْعِمُوا عَنِّي عَنْ اعْتِكَافِي الَّذِي نَذَرْتُ إنْ كَانَ قَدْ لَزَمَنِي؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعَمُ عَنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

[نَذْرِ الِاعْتِكَافِ]

فِي نَذْرِ الِاعْتِكَافِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا أَيَكُونُ ذَلِكَ يَوْمًا دُونَ لَيْلَتِهِ؟ فَقَالَ: لَا وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.

قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَذَكَرَهُ ابْنُ نَافِعٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَلَمْ يَرَهُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى اعْتِكَافًا دُونَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، قَالَ: وَهَذَا حِينَ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اللَّيْلَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّهَارُ.

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا أَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا، قِيلَ: وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي هَذَا اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَعْبَانَ فَمَضَى شَعْبَانُ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ فَرَّطَ فِيهِ، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ قَدْ نَذَرَتْ ذَلِكَ فَحَاضَتْ فِي شَعْبَانَ؟

قَالَ: أَمَّا الَّتِي حَاضَتْ فَإِنَّهَا تَصِلُ قَضَاءً بِمَا اعْتَكَفَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَصِلْ اسْتَأْنَفَتْ، قَالَ: وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمَرِيضُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ حَتَّى يَخْرُجَ الشَّهْرُ مِثْلُ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا فَمَرِضَهُ.

قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ حَجَّ عَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ صِيَامَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ، فَمَرِضَهُ أَوْ حَبَسَهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ لَمْ يُطِقْ ذَلِكَ فِيهِ؟ فَقَالَ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَهُمَا، فَالِاعْتِكَافُ مِثْلُهُ وَاَلَّذِي فَرَّطَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ شَهْرًا كَامِلًا مَكَانَ شَعْبَانَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلْيَصُمْهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الِاعْتِكَافَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.

قُلْتُ: فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّامَ النَّحْرِ؟

قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ اعْتِكَافًا؛ لِأَنَّهُ نَذَرَ مَا قَدْ نَهَى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ صِيَامِهِ، وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ الْفُسْطَاطِ شَهْرًا فَاعْتَكَفَهُ بِمَكَّةَ أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ وَلَا يَخْرُجُ إلَى مَسْجِدِ الْفُسْطَاطِ وَلَا يَأْتِيهِ، وَلْيَعْتَكِفْ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلْيَاءَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الرَّجُلُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ شَهْرًا أَيُجْزِئُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>