للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ، وَلَمْ تَدْخُلْ الْوَصَايَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْوَصَايَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّتُهُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَثَةِ مِيرَاثًا.

قُلْتُ: وَلَا تَكُونُ وَصِيَّةً لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، لَا يَكُونُ لَهُ وَصِيَّةٌ.

[فِي كَفَالَةِ الْمَرِيضِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرِيضَ إذَا تَكَفَّلَ بِكَفَالَةٍ، أَتَجُوزُ كَفَالَتُهُ؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَدْ قَالَ فِي الْمَرْأَةِ، تَكُونُ تَحْتَ الزَّوْجِ فَتَتَكَفَّلُ بِكَفَالَةٍ: إنَّ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهَا إذَا لَمْ تُجَاوِزْ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهَا مَحْجُورَةٌ عَنْ جَمِيعِ مَالِهَا وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ قَدْ حُجِرَ عَنْهُ جَمِيعُ مَالِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ مَالِهِ الثُّلُثُ، وَالْكَفَالَةُ مَعْرُوفٌ فَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ كَمَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ مَعْرُوفُهَا فِي ثُلُثِهَا عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ بِكَفَالَةٍ، وَدَايَنَ النَّاسَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ حَتَّى اغْتَرَقَ الدَّيْنُ مَالَهُ، أَتَسْقُطُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُحَاصُّ بِهَا الْغُرَمَاءَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَكَذَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَوْلَى مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ فِي الثُّلُثِ وَالدَّيْنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَآخَرُ يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ، فَاَلَّذِي يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْمَالِ أَوْلَى بِذَلِكَ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَرَكِبَهُ دَيْنٌ اغْتَرَقَ مَالَهُ، أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ فَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ مِنْ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَفَّلَ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ، فَصَحَّ مَنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَتَلْزَمُهُ الْكَفَالَةُ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْكَفَالَةُ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى وَارِثٍ فِي مَرَضِهِ بِأَمْرٍ بَتَلَهُ لَهُ ثُمَّ صَحَّ، لَزِمَتْهُ الصَّدَقَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ

[فِي الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ يَخْدُمُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ بِالْخِدْمَةِ حَمِيلًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَجِيرًا لِخِدْمَتِي شَهْرًا وَأَخَذْت مِنْهُ كَفِيلًا بِالْخِدْمَةِ؟

قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ.

قَالَ: لِأَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْغُلَامِ يُسْتَأْجَرُ سَنَةً فَيَمُوتُ، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَكَانَهُ غُلَامًا يَعْمَلُ لَهُ عَمَلَهُ، وَيَقُولُ سَيِّدُ الْغُلَامِ: أَنَا أَدْفَعُ إلَيْكَ غُلَامًا يَعْمَلُ لَكَ مَكَانَهُ.

قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا مِنْ قِبَلِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّكَ تَفْسَخُ دَيْنَكَ فِي دَيْنٍ لَا تَسْتَوْفِيهِ مَكَانَكَ. فَالْحَمَالَةُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا تَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْغُلَامُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَمِيلِ أَنْ يَأْتِيَ بِغُلَامٍ آخَرَ يَخْدُمُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>