للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَضْلِ قِيمَةِ رَهْنِكَ عَلَى الدَّيْنِ، وَرَجَعْتَ عَلَى الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَيَكُونُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إلَيْكَ، تَتْبَعُ بِفَضْلِ قِيمَةِ رَهْنِكَ عَلَى الدَّيْنِ أَيَّهُمَا شِئْتَ مِنْهُمَا. وَأَمَّا مَبْلَغُ الدَّيْنِ مِنْ رَهْنِكَ فَإِنَّمَا تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي أَمَرَكَ بِذَلِكَ، وَتُبْطِلُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ. فَإِنْ أَنْتَ رَجَعْتَ بِفَضْلِ قِيمَةِ رَهْنِكَ عَلَى الَّذِي أَمَرَك، رَجَعَ آمِرُكَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ كَانَ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الرَّهْنِ حِينَ قَبَضَهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي دَيْنِهِ وَفَاءٌ بِجَمِيعِ قِيمَةِ الرَّهْنِ. فَلَمَّا هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ، قُصَّ لَهُ مِنْ الرَّهْنِ مِقْدَارُ دَيْنِهِ وَغَرِمَ الْبَقِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ رَهَنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ الَّذِي رَهَنَ بِغَيْرِ أَمْرِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، يَرْجِعُ بِالدَّيْنِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَيَرْجِعُ بِفَضْلِ قِيمَةِ رَهْنِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْفَضْلِ مِنْ قِيمَةِ رَهْنِهِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدَّمَ الْخَطَأَ، أَتَجُوزُ فِيهِ الْكَفَالَةُ؟

قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ تَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِدَمٍ خَطَأٍ، فَأَعْطَاهُ بَعْضَ الدِّيَةِ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ مَالِكًا فَقَالَ: لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَالَةُ وَيَتْبَعُونَ بِهِ الْعَاقِلَةَ.

[الرَّهْنُ فِي الدَّمِ الْخَطَأِ]

ِ قُلْتُ: فَهَلْ يَجُوزُ الرَّهْنُ فِي الدَّمِ الْخَطَأِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ رَهَنَهُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ لَهُ وَحْدَهُ. وَإِنْ كَانَ إنَّمَا رَهَنَهُ عَنْ قَتِيلِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَى الْقَتِيلِ، فَالرَّهْنُ جَائِزٌ.

[فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَرَهَنَ بِهَا رَهْنًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَعَرْت دَابَّةً فَرَهَنْتُهُ بِهَا رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَمُصِيبَتُهَا مِنْ رَبِّهَا، فَأَرَى الرَّهْنَ فِيهَا لَا يَجُوزُ.

قُلْتُ: أَفَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِيرَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ، أَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: أَرَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَرْتَهِنُ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ، فَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَيَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ ضَاعَ مِنِّي. قَالَ مَالِكٌ: شَرْطُهُ بَاطِلٌ وَهُوَ ضَامِنٌ.

[فِيمَنْ اسْتَعَارَ مَتَاعًا فَرَهَنَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَتَاعَ أَسْتَعِيرُهُ وَأُعْطِيهِ بِهِ رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدَ رَجُلٍ وَأَعْطَيْته بِالْإِجَارَةِ رَهْنًا، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ عِنْدَ مَالِكٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>