للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِيمَنْ أَسْلَمَ سَلَمًا وَأَخَذَ بِذَلِكَ رَهْنًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ، وَأَخَذْت مِنْهُ بِذَلِكَ رَهْنًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ تَقَايَلْنَا، أَوْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ تَقَايَلْنَا، أَوْ بَعْدَ حُلُولِهِ وَالرَّهْنُ فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ، أَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ لِمَكَانِ الرَّهْنِ الَّذِي فِي يَدَيْ الَّذِي أَسْلَمَ فِي الطَّعَامِ؟

قَالَ: لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ رَأْسَ الْمَالِ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَإِلَّا فَهَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ، أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ؟

قَالَ: لَا يَصْلُحُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُوَلِّيَهُ أَوْ تُقِيلَ صَاحِبَ الطَّعَامِ أَوْ تُشْرِكَ فِيهِ وَتَقْبِضَ رَأْسَ الْمَالِ، قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَ الَّذِي وَلَّيْتَهُ أَوْ أَقَلْتَهُ أَوْ أَشْرَكْتَهُ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: إذَا جَوَّزْتَ لِي التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ وَالْإِقَالَةَ فِي ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ أُؤَخِّرَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ؟

قَالَ: لَا؛ لِأَنَّكَ إذَا أَخَّرْتَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ دَخَلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي التَّأْخِيرِ مَعْرُوفًا. فَإِذَا دَخَلَهُ الْمَعْرُوفُ فَلَيْسَ هَذَا بِتَوْلِيَةٍ وَلَا إقَالَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ، وَإِنَّمَا التَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالشَّرِكَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ بِغَيْرِ مَعْرُوفٍ يَصْطَنِعُهُ، وَيَدْخُلهُ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ فَهَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.

[فِي الرَّهْنِ فِي الصَّرْفِ وَاخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ صَرَفْتُ عِنْدَ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، فَقَبَضْتُ الدَّرَاهِمَ وَأَعْطَيْته بِالدَّنَانِيرِ رَهْنًا فَضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا افْتَرَقْنَا وَهُوَ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ وَجَهِلْنَا السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الرَّهْنِ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى بَيْعًا فَاسِدًا ضَمِنَ ذَلِكَ إنْ ضَاعَ عِنْدَهُ عِنْدَ مَالِكٍ؟ فَكَذَلِكَ الرَّهْنُ وَالرَّهْنُ أَيْضًا لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا عَلَى الضَّمَانِ فَعَلَيْهِ غُرْمُهُ.

قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ غُرْمُ هَذَا الرَّهْنِ، الدَّنَانِيرُ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَ، أَوْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَتُرَدُّ الدَّرَاهِمُ؟

قَالَ: إنْ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَالدَّرَاهِمِ سَوَاءً فَلَا شَيْءَ، عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الدَّرَاهِمِ فَضْلٌ أَوْ قِيمَةُ الرَّهْنِ تَرَادَّ الْفَضْلُ بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ لِي عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا، فَأَخَذْتُ بِهِ مِنْهُ رَهْنًا فَأَوْفَانِي حَقِّي، فَضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدِي بَعْدَ مَا أَوْفَانِي حَقِّي، مِمَّنْ الضَّيَاعُ؟

قَالَ: أَنْتَ ضَامِنٌ لِلرَّهْنِ عِنْدَ مَالِكٍ حَتَّى تَرُدَّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّهْنَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، أَهُوَ بِمَا فِيهِ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ قِيمَةِ الرَّهْنِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابٍ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا حُجَّةً عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الرَّهْنَ بِمَا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>