للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَكَاةِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِقِيمَتِهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدَّنَانِيرَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَتْجُرُ فِيهَا فَتَصِيرُ عِشْرِينَ دِينَارًا بِرِبْحِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ، أَيُزَكِّيهَا إذَا حَالَ الْحَوْلُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَلِمَ وَلَيْسَ أَصْلُ الدَّنَانِيرِ نِصَابًا؟

قَالَ؛ لِأَنَّ رِبْحَ الدَّنَانِيرِ هَهُنَا مِنْ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ غِذَاءِ الْغَنَمِ مِنْهَا الَّتِي وَلَدَتْهَا، وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُهَا نِصَابًا فَوَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ بِالْوِلَادَةِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ بِالرِّبْحِ فِيهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً وَأَنْفَقَ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ. ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا؟

قَالَ: إنَّهُ يُزَكِّي الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا فَأَقْرَضَهَا رَجُلًا ثُمَّ اقْتَضَى مِنْهَا خَمْسَةً بَعْدَ سَنَةٍ، ثُمَّ اقْتَضَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا سَاعَةَ يَقْتَضِيهَا نِصْفَ دِينَارٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَنْفَقَ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَبَاعَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ سِنِينَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا؟ فَقَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيعَهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ احْتَجَّ مَنْ يُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ الَّتِي حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَاشْتَرَى سِلْعَةً بِخَمْسَةٍ وَأَنْفَقَ خَمْسَةً، أَوْ أَنْفَقَ خَمْسَةً وَاشْتَرَى سِلْعَةً بِخَمْسَةٍ وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ وَأَصْلٌ وَاحِدٌ حَالَ عَلَى جَمِيعِهِ الْحَوْلُ، وَلَوْ كَانَتْ الْعَشَرَةُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ حَتَّى اشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً ثُمَّ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ، أَوْ أَنْفَقَ الْخَمْسَةَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ سِلْعَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَبِيعَهَا بِعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَا يُحْسَبُ فَكَمَا لَا يُحْسَبُ مَا أَنْفَقَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَكَذَلِكَ لَا يُتْرَكُ أَنْ يُحْسَبَ مَا أَنْفَقَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَ الشِّرَاءِ.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الذَّهَبِ يَكُونُ لِلرَّجُلِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيَبِيعُهَا بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ هَلْ تَرَى فِيهَا زَكَاةً؟ فَقَالَ: نَعَمْ سَاعَةَ إذْ وَلَا يُؤَخِّرْ ذَلِكَ، قَالَ أَشْهَبُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ ضَائِنَةً حَلُوبًا، أَوْ عِشْرُونَ مِنْ الْجَوَامِيسِ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْبُخْتِ، فَبَاعَ الضَّأْنَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ بِأَرْبَعِينَ مِنْ الْمَعْزِ وَهِيَ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الدَّرِّ، أَوْ بَاعَ الْجَوَامِيسَ بِثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ أَوْ بَاعَ الْبُخْتَ بِخَمْسَةٍ مِنْ الْعِرَابِ، فَإِنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا إبِلٌ كُلُّهَا وَبَقَرٌ كُلُّهَا وَغَنَمٌ كُلُّهَا، وَسُنَّتُهَا فِي الزَّكَاةِ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبُيُوعِ مُخْتَلِفَةٌ.

قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا فِي الرِّقَةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ» .

قَالَ أَشْهَبُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>