للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ: مِنْ قَرْضٍ كَانَ أَوْ مِنْ بَيْعٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرُّ وَيُفْسَخُ. وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ الَّذِي جَعَلَهُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِمَا أَخَذَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنَّ الرَّهْنَ يُرَدُّ إلَى رَبِّهِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ.

قُلْتُ: أَفَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الرَّهْنَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الرَّاهِنُ حَقَّهُ، وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنِ إنْ أَفْلَسَ هَذَا الرَّاهِنُ أَوْلَى بِهَذَا الرَّهْنِ مَنْ الْغُرَمَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّهُ يُفْسَخُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَقْرَضَهُ إلَى سَنَةٍ عَلَى أَنْ ارْتَهَنَ بِهِ هَذَا الْمَتَاعَ، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّهِ فَالسِّلْعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ بِمَا قَبَضَ مِنْهُ الرَّاهِنُ، فَإِنَّ هَذَا يُفْسَخُ قَبْلَ السَّنَةِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِمَا السَّنَةَ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهُ يُفْسَخُ. فَأَمَّا مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الرَّاهِنُ حَقَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ يَدِهِ، وَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إنَّمَا رَهَنَهُ مِنْ بَيْعٍ فَهُوَ وَالْقَرْضُ سَوَاءٌ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِنْ مَضَى - الْأَجَلُ وَالرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ قَبَضَهُ - مَنْ أَحَدٍ جَعَلَهُ عَلَى يَدَيْهِ بِمَا شَرَطَ مِنْ الشَّرْطِ فِي رَهْنِهِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَدْرَكَ الرَّهْنَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ رُدَّ، وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَحَالَتْ أَسْوَاقُهُ وَتَغَيَّرَ بِزِيَادَةِ بَدَنٍ أَوْ نُقْصَانِ بَدَنٍ لَمْ يَرُدَّهُ، وَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ وَضَمِنَهُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّمَا تَلْزَمُهُ بِالْقِيمَةِ السِّلْعَةُ أَوْ الْحَيَوَانُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَهَا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ فَهِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ، فَصَارَ إنْ لَمْ يَأْتِ رَبُّ السِّلْعَةِ بِمَا عَلَيْهِ فَقَدْ اشْتَرَاهَا الْمُرْتَهِنُ شِرَاءً فَاسِدًا، فَيُفْعَلُ بِالرَّهْنِ مَا يُفْعَلُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَاصَّهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا فِي السِّلَعِ وَالْحَيَوَانِ، وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ قَالَ مَالِكٌ: فَلَيْسَ فِيهِمَا فَوْتٌ وَإِنْ حَالَتْ أَسْوَاقُهُمَا وَطَالَ زَمَانُهُمَا، فَإِنَّهَا تُرَدَّ إلَى الرَّهْنِ وَيَأْخُذُ دَيْنَهُ.

قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: قُلْتُ: فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ بُنِيَ فِيهَا؟

قَالَ: هَذَا فَوْتٌ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: الْهَدْمُ فَوْتٌ وَالْبُنْيَانُ فَوْتٌ وَالْغَرْسُ فَوْتٌ.

قُلْتُ: فَإِنْ هَدَمَهَا هُوَ أَوْ انْهَدَمَتْ مِنْ السَّمَاءِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الْحَرَامِ مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ، وَهُوَ يَوْمَ قَبَضَهَا وَهَذَا بَيْعٌ حَرَامٌ.

[أَسْلَفَ فُلُوسًا فَأَخَذَ بِهَا رَهْنًا فَفَسَدَتْ الْفُلُوسُ بَعْدَ السَّلَفِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَلَّفْتُ رَجُلًا فُلُوسًا وَأَخَذْت بِهَا رَهْنًا فَفَسَدَتْ الْفُلُوسُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَكَ إلَّا فُلُوسٌ مِثْلُ فُلُوسِكَ فَإِذَا جَاءَ بِهَا أَخَذَ رَهْنَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فُلُوسًا أَوْ اشْتَرَى بِفُلُوسٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا لَهُ نَقْدُ الْفُلُوسِ يَوْمَ اشْتَرَى، وَلَا يُلْتَفَتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>