للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَمْت آخَرَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَنِيهَا؟

قَالَ: هَذِهِ الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنِّي أَقَمْتُ شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ غَصَبَنِيهَا، وَأَقَمْتُ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا جَارِيَتِي؟

قَالَ: لَا أَرَاهَا شَهَادَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ، حَلَفَ مَعَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَهَا وَأَخَذَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ، وَقَدْ كَانَ قَالَ: أَرَى أَنَّ شَهَادَتَهُمَا جَائِزَةٌ.

قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى أَرْضٍ أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ آخَرَ أَنَّهَا حَيِّزَهُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهَا لَهُ؛ لِأَنَّ حَيِّزَهُ تَرِكَتُهُ فَأَرَاهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا عَلَى الشَّهَادَةِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا مَعْنَى حَيِّزُهُ؟

قَالَ: هُوَ كَقَوْلِكَ: هَذَا حَيِّزُ فُلَانٍ وَهَذَا حَيِّزُ فُلَانٍ.

[اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَبَاعَهَا فَضَاعَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ فَأَجَازَ الْبَيْعَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَصَبَنِي رَجُلٌ جَارِيَةً فَبَاعَهَا، فَضَاعَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ فَأَجَزْتُ الْبَيْعَ، أَيَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، عَلَيْهِ الثَّمَنُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنْ أَرَادَ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فَذَلِكَ لَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْغَاصِبِ.

قُلْتُ: وَلَا تَرَاهُ إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ قَدْ جَعَلَ الْغَاصِبَ مُؤْتَمَنًا فِي الثَّمَنِ؟

قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَزَلْ ضَامِنًا لِلْجَارِيَةِ حِينَ غَصَبَهَا، أَوْ لِلثَّمَنِ حِينَ بَاعَهَا إنْ أَرَادَ رَبُّ الْجَارِيَةِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ، فَلَا يُبْرِئُهُ مِنْ ضَمَانِهِ الَّذِي لَزِمَهُ الْأَدَاءُ.

[فِيمَنْ غَصَبَ جَارِيَةَ رَجُلٍ فَبَاعَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأَتَى رَبُّهَا فَأَجَازَ الْبَيْعَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ غَصَبْتُ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَبِعْتُهَا، فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَأَتَى رَبُّهَا فَأَجَازَ الْبَيْعَ، أَيَجُوزُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا بَاعَهَا الْغَاصِبُ فَأَرَادَ بِهَا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَسْتُ أَلْتَفِتُ إلَى وِلَادَتِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ هِيَ نَفْسُهَا، فَأَجَازَ سَيِّدُهَا الْبَيْعَ أَخَذَ الثَّمَنَ، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؟ فَلَسْتُ أَلْتَفِتُ إلَى نُقْصَانِ الْجَارِيَةِ وَلَا إلَى زِيَادَتِهَا إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُجِيزُ الْيَوْمَ أَمْرًا قَدْ كَانَ قَبْلَ الْيَوْمِ، فَإِذَا أَجَازَ الْيَوْمَ فَالْجَارِيَةُ لَمْ تَزَلْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا، فَنَمَاؤُهَا لَهُ وَنُقْصَانُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَهُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا إذَا أَجَازَ رَبُّ الْجَارِيَةِ الْبَيْعَ.

[فِيمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ فَبَاعَهَا الْغَاصِبُ ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَنِي جَارِيَةً - وَبِعَيْنِهَا بَيَاضٌ - فَبَاعَهَا الْغَاصِبُ. ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَجَاءَ رَبُّهَا فَأَجَازَ الْبَيْعَ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاضَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>