للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيمَتَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، تَضْمَنُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ غَصَبَ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فَمَاتَ عِنْدَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ، فَكَذَلِكَ الدَّارُ.

قُلْتُ: أَفَيَكُونُ عَلَيَّ كِرَاءُ الدَّارِ لِلسِّنِينَ الَّتِي اغْتَصَبْتُهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ السَّارِقِ يَسْرِقُ الدَّابَّةَ فَيَسْتَعْمِلُهَا، فَيُرِيدُ رَبُّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَأْخُذَ كِرَاءَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَابَّتُهُ إذَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا. فَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْجَفَهَا أَوْ نَقَصَهَا فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَهَا مَعِيبَةً فَذَلِكَ لَهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ كَانَتْ أَسْوَاقُهَا قَدْ اخْتَلَفَتْ وَهِيَ عَلَى حَالِهَا فَأَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ سَرَقَهَا؟

قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إذَا وَجَدَهَا عَلَى حَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَابَّتُهُ.

[فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ أَكْثَرَ فَتَعَدَّى عَلَيْهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَعَارَهَا مِنِّي إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ فَتَعَدَّى عَلَيْهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا تَعَدَّى إلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَآخُذُ دَابَّتِي؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، إنْ كَانَ تَعَدِّيهِ ذَلِكَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا، كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ بِالْخِيَارِ فِي قِيمَةِ دَابَّتِهِ يَوْمَ تَعَدَّى، أَوْ فِي كِرَاءِ مَا تَعَدَّى فِيهِ وَيَأْخُذُ دَابَّتَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ رَدَّهَا بِحَالِهَا أَوْ أَحْسَنَ حَالًا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ رَدَّهَا بِحَالِهَا أَوْ أَحْسَنَ حَالًا فَذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَمَنَافِعِهَا.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ إذَا تَعَدَّى فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: الْكِرَاءُ وَالْعَارِيَّةُ إذَا تَعَدَّى فِيهِمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ فَهُمَا سَوَاءٌ، الْقَوْلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: إذَا كَانَ تَعَدِّيهِ فِي الْكِرَاءِ مِثْلَ الْأَمْيَالِ أَوْ الْبَرِيدِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، ثُمَّ أَتَى بِهَا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا، فَأَرَادَ رَبُّهَا أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا؟

قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ تَعْطَبَ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ مَا تَعَدَّى عَلَيْهَا إذَا أَتَى بِهَا عَلَى حَالِهَا.

قُلْتُ: فَإِنْ أَصَابَهَا فِي ذَلِكَ الْبَرِيدِ الَّذِي تَعَدَّى فِيهِ عَيْبٌ، أَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الدَّابَّةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا. وَإِنْ كَانَ الْعَيْبَ الْيَسِيرَ، فَأَرَى ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى بَهِيمَةِ رَجُلٍ فَضَرَبَهَا. وَإِنْ كَانَ عَيْبًا يَسِيرًا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا لَزِمَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهَا وَأَخْذُهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يَرَ الْبَرِيدَ وَمَا أَشْبَهَهُ تَعَدِّيًا يَضْمَنُ بِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ قِيمَتَهَا إذَا رَدَّهَا عَلَى حَالِهَا، وَإِنَّمَا ضَمِنَهُ إذَا عَطِبَتْ فِي ذَلِكَ التَّعَدِّي. فَهُوَ فِي هَذَا الْبَرِيدِ إذَا تَعَدَّى فَأَصَابَهَا فِيهِ عَيْبٌ، بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ تَعَدَّى عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ، فَبَقَرَهَا أَوْ ضَرَبَهَا. لِأَنَّهُ حِينَ تَعَدَّى هَذَا الْبَرِيدَ لَمْ يَضْمَنْ قِيمَتَهَا بِالتَّعَدِّي سَاعَةَ تَعَدَّى، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا حَدَثَ فِيهَا مِنْ عَيْبٍ.

قُلْتُ: فَمَا الْفَرْقُ مَا بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ يَسْرِقُ الدَّابَّةَ فَيَسْتَعْمِلُهَا، وَيُرِيدُ رَبُّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَأْخُذَ كِرَاءَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَابَّتُهُ إذَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا. فَإِذَا كَانَ أَعْجَفَهَا أَوْ نَقَصَهَا، فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>