للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَهُ وَقَدْ أَنْقَصَهَا وَاسْتَعْمَلَهَا، فَمَاذَا تَرَى لَهُ؟ قَالَ: أَرَى لَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ سَرَقَهَا.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا وَكِرَاءَ مَا اسْتَعْمَلَهَا فِيهِ؟

قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ أَكْرَاهَا السَّارِقُ وَأَنْقَصَهَا، أَيَكُونُ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَأْخُذَ الْكِرَاءَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا، وَلَا كِرَاءَ لَهُ وَلَا شَيْءَ، أَوْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ إنْ تَغَيَّرَتْ أَوْ نَقَصَتْ.

[فِيمَنْ اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ سِوَارَ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهَا مَاذَا عَلَيْهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَصَبَ مِنْ رَجُلٍ سِوَارَ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُ، مَاذَا عَلَيْهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ الْفِضَّةِ.

قُلْتُ: فَيَصْلُحُ لَهُ إذَا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ غَصَبَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ.

قَالَ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَيْسَ هُوَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ بِالدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ لَا بَأْسَ بِهَا، وَالذَّهَبُ بِالْوَرِقِ إلَى أَجَلٍ لَا خَيْرَ فِيهِ، فَقَدْ أَخْطَأَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ ذَهَبٌ، إنَّمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَرِقٌ. فَمَا كَانَ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ أَخَّرَهُ أَوْ عَجَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَسَرْتُ لِرَجُلٍ سِوَارِي فِضَّةٍ؟

قَالَ: أَرَى عَلَيْكَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدْتَ، وَيَكُونُ السِّوَارَانِ لِرَبِّهِمَا وَإِنَّمَا عَلَيْكَ قِيمَةُ صِيَاغَتِهِمَا.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا وَإِنَّمَا رَأَيْتُ هَذَا الَّذِي قُلْتُ لَكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ صِيَاغَتَهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا تِلْكَ الصِّيَاغَةِ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَسَرَ لِصَائِغٍ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ قَدْ صَاغَهُمَا لِرَجُلٍ بِكِرَاءٍ، كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَلَيْسَ فَسَادُ الصِّيَاغَةِ تَلَفًا لِلذَّهَبِ، كَمَا يَكُونُ فِي الْعُرُوضِ إذَا أَفْسَدَهَا فَسَادًا فَاحِشًا أَخَذَهَا وَضَمِنَ قِيمَتَهَا.

[فِيمَنْ ادَّعَى وَدِيعَةً لِرَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ السِّلْعَةَ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ بِإِجَارَةٍ فَيَغِيبُ رَبُّهَا، ثُمَّ يَدَّعِيهَا رَجُلٌ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ، أَيُقْضَى لَهُ بِهَا وَرَبُّهَا غَائِبٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهَا بِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ، فَيَتَلَوَّمُ لَهُ الْقَاضِي وَيَأْمُرُ أَنْ يُكْتَبَ إلَيْهِ حَتَّى يَقْدُمَ.

[فِيمَنْ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً وَمِنْ آخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطَهُمَا أَوْ خَشَبَةً فَجَعَلَهَا فِي بُنْيَانِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اغْتَصَبْت مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً وَمَنْ آخَرَ شَعِيرًا فَخَلَطْتُهُمَا، مَا عَلِيّ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>