للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا اشْتَرَيْت مَنْ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَجَمِيعِ مَا يُكْرَى، وَلَهُ الْغَلَّةُ أَوْ نَخْلٌ فَأَثْمَرَتْ عِنْدِي، فَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنِّي رَجُلٌ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، أَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهُ، مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ.

قُلْتُ: وَجَعَلَ مَالِكٌ ثَمَرَ النَّخْلَةِ بِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ الدُّورِ وَالْعَبِيدِ، جَعَلَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي؟ قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هِبَةً فَاغْتَلَّهَا هَذَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ، أَتَكُونُ غَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَا تَطِيبُ الْغَلَّةُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ فِي ذَلِكَ ثَمَنًا.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْهِبَةِ السَّاعَةَ، وَلَا أَشُكُّ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُسْتَحِقِّ إذَا كَانَتْ فِي يَدَيْ هَذَا بِهِبَةٍ مِنْ الْغَاصِبِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَك، وَيُعْطَى هَذَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قِيمَةَ عَمَلِهِ فِيهَا وَعِلَاجِهِ.

قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ؟

قَالَ: لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ تَصِيرُ لَهُ الْغَلَّةُ إلَى الضَّمَانِ، وَالْهِبَةُ لَيْسَ فِيهَا ضَمَانٌ.

قُلْتُ: وَمَا مَعْنَى الضَّمَانِ؟

قَالَ: مَعْنَى الضَّمَانِ، أَنَّ الَّذِي اشْتَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مِنْ غَاصِبٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَاصِبٌ، أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، كَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَلِفَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَى فِيهَا، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَيْسَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ إنْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ يَدَيْهِ لَمْ يَتْلَفْ لَهُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنَّمَا جُعِلَتْ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي أَدَّى فِي ذَلِكَ. وَكَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ بِمَا أَدَّى مِنْهَا. وَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَا تَطِيبُ لَهُ الْغَلَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ مَالٌ.

[ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنِ إلَى أَجَلّ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَل أَخَذَ مَكَان الدَّنَانِير دَرَاهِم ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُل تِلْكَ السِّلْعَةَ]

الرَّجُلُ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَسْتَحِقُّ رَجُلٌ تِلْكَ السِّلْعَةَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بِعْتُ سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذْت مِنْهُ بِالدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ، فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي بِعْتُهَا، بِمَ يُرْجَعُ عَلَى صَاحِبِهَا؟

قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ السِّلْعَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَأْخُذُ بِثَمَنِهَا دَرَاهِمَ، ثُمَّ يَجِدُ بِهَا عَيْبًا فَيَرُدُّهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهَا.

قَالَ: بِالدَّرَاهِمِ.

قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: فَإِنْ أَخَذَ بِهَا عَرْضًا، مَاذَا عَلَيْهِ إذَا رَدَّهَا لَهُ؟

قَالَ: لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ.

قَالَ: وَرَأَيْتُهُ يَجْعَلُهُ إذَا أَخَذَ الْعَيْنَ مِنْ الْعَيْنِ الدَّنَانِيرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّرَاهِمَ مِنْ الدَّنَانِيرِ، لَا يُشْبِهُ عِنْدَهُ مَا إذَا أَخَذَ مِنْ الْعَيْنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَرْضًا، فَمَسْأَلَتُكَ الَّتِي سَأَلْتُ عَنْهَا مِثْلُهَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِاَلَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ، وَذَلِكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ الْعَيْنَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ إنَّمَا بَاعَهُ سِلْعَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ مِنْهُ بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>