للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى مَا ذَكَرْت وَيُبَيِّنُ لَك.

[فِي طَلَبِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ]

ٌ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَابَ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ، أَيُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَغِيبِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، وَيَكُون الْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مَنْ دَارٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ مَنْ الْآجَالِ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُ الدَّارَ وَأَنْقُدُ الثَّمَنَ، لِمَنْ يَكُونُ هَذَا الثَّمَنُ؟ أَلِلْمُشْتَرِي إلَى الْأَجَلِ أَمْ لِلْبَائِعِ؟ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: إنَّمَا الثَّمَنُ عَلِيّ إلَى الْأَجَلِ فَلَا أُعَجِّلُهُ. لِمَنْ يَكُونُ هَذَا الثَّمَنُ قَبْلَ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الشِّقْصَ مِنْ الدَّارِ إلَى أَجَلٍ: إنَّ الشَّفِيعَ إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيًّا فَأَتَى بِحَمِيلٍ مَلِيٍّ ثِقَةٍ، فَذَلِكَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. فَأَرَى فِيمَا سَأَلْت عَنْهُ، أَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَإِنَّمَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنُ عَلَى الشَّفِيعِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ، وَهُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ فَلَيْسَ لَهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ قَبْضَ الدَّارِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ بَائِعَ شِقْصِ الدَّارِ - الَّذِي بَاعَ إلَى أَجَلٍ - قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَالِي عَلَى الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَفْسَخَهُ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، فَيَصِيرُ هَذَا دَيْنًا بِدَيْنٍ وَذِمَّةً بِذِمَّةٍ.

[بَابُ اشْتَرَاكِ الشُّفَعَاءِ فِي الشُّفْعَةِ]

ِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لَهَا شَفِيعَانِ، فَقَالَ أَحَدُ الشَّفِيعِينَ: أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا - أُسَلِّمُ الشُّفْعَةَ. فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ الَّذِي قَالَ أَنَا آخُذُ: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ اُتْرُكْ. وَقَالَ الشَّفِيعُ: لَا آخُذُ إلَّا حِصَّتِي؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْجَمِيعَ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ، فَقَدْ صَارَتْ الشُّفْعَةُ لَهُ كُلُّهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا دُونَ بَعْضٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى حُظُوظَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ - صَفْقَةً وَاحِدَةً - وَشَفِيعُهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ شَفِيعُهَا: أَنَا آخُذُ حَظَّ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأُسَلِّمُ حُظُوظَ الِاثْنَيْنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ أَتْرُكْ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ لِلشَّفِيعِ: خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ أَتْرُكْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى مِنْهُمْ صَفَقَاتٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>