للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَيَدَعَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ وَاحِدَةً. وَكُلُّ صَفْقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا وَيَتْرُكَ بَعْضَهَا؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا رَجُلَانِ.

[بَابُ رُجُوعِ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إيَّاهَا]

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أُخْبِرَ الشَّفِيعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَى بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ قَدْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَطَلَبَ شُفْعَتَهُ، فَقَالَ: لَهُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَ الشُّفْعَةَ إلَّا لِمَكَانِ الثَّمَنِ الْكَثِيرِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَنَا آخُذُهُ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ شِقْصًا لَهُ فِي دَارٍ، فَقَالَ شَرِيكُهُ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَخَذْت، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ، فَقَالَ: إنْ كَانَ عَلِمَ بِكَمْ بِيعَتْ بِهِ الدَّارُ، فَذَلِكَ يَلْزَمُهُ حَتَّى يُبَاعَ فِيهَا مَالُهُ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ فَقَالَ إنَّمَا قُلْت أَنَا آخُذُ، فَأَمَّا إنْ كَانَ بِهَذَا الثَّمَنِ فَلَا آخُذُ.

قَالَ مَالِكٌ: فَذَلِكَ لَهُ. فَلِذَلِكَ رَأَيْت الْأَوَّلَ مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمَ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الِاشْتِرَاءِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ الْحِصَّةَ الَّتِي أَنْتَ شَفِيعُهَا، فَقَالَ: اشْتَرِ فَقَدْ سَلَّمْت لَك شُفْعَتِي. فَلَمَّا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي قَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُ بِشُفْعَتِي؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ يَأْخُذُ بِشُفْعَتِهِ.

[بَابُ اخْتِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ الشَّفِيعُ: بَلْ اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا، وَقَالَ الْبَائِعُ: بَلْ بِعْتهَا بِمِائَتِي دِينَارٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ الْبَائِعِ أَوْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ تَفُتْ بِطُولِ الزَّمَانِ، أَوْ بِهَدْمِ الدَّارِ أَوْ تَغْيِيرِ الْمَسَاكِنِ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ بِهِبَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ، أَوْ بِمَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ. وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الدَّارُ بِمَا ذَكَرْت لَك، وَهِيَ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ قَبَضَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْبُيُوعِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ، فَوَضَعَ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَمَا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ: يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا عِنْدَ النَّاسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا تَغَابَنُوا بَيْنَهُمْ، أَوْ اشْتَرَوْا بِغَيْرِ تَغَابُنٍ، قِيلَ لِلْمُشْتَرِي: أَنْتَ لَمْ تَشْتَرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَكِنْ هَذِهِ ذَرِيعَةٌ فِيمَا بَيْنَكُمَا. وَإِنَّمَا أَرَدْتُمَا قَطْعَ الشُّفْعَةِ عَنْ هَذَا الشَّفِيعِ، فَلَا يَكُونُ لَكُمَا لَك. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ هَذِهِ الدَّارِ عِنْدَ النَّاسِ، لَا تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ، فَاَلَّذِي تَرَكَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي هِبَةٌ، وَلَا يَرْجِعُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>