للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ فِي جَمِيعِ هَذَا بِقِيمَةِ الْعِوَضِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ لَمْ يَدْفَعْهَا بَعْدُ، أَيَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ: إنْ كَانَ وَهَبَ الدَّارَ عَلَى عِوَضٍ قَدْ سَمَّاهُ، فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْعِوَضِ، إنْ كَانَ عَرَضًا وَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ وَرِقًا أَوْ ذَهَبًا أَخَذَهَا بِذَلِكَ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ بِشَعِيرٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الْإِدَامِ، أَخَذَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَبِمِثْلِ كَيْلِهِ وَبِمِثْلِ صِنْفِهِ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هِبَتَهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ قَالَ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا وَهَبَ الدَّارَ عَلَى عِوَضٍ يَرْجُوهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ إلَّا بَعْدَ الْعِوَضِ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت شِقْصًا فِي دَارٍ عَلَى ثَوَابٍ أَرْجُوهُ، أَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ وَيَرْجِعَ فِيهَا مَنْ قَبْلِ أَنْ يُثَابَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا أَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقِيمَتِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا. وَإِنْ هُوَ أَثَابَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا فَيَأْخُذَهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ بِنَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ، فَلِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا لَمْ يَثِبْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقِيمَتِهَا، وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الَّذِي وُهِبَتْ لَهُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ثَوَابٍ إنْ كَانَتْ الدَّارُ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَنْ حَالِهَا؟

قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ غَيْرَ الدَّارِ، فَوَهَبَ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ فَهُوَ سَوَاءٌ أَيْضًا مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك. وَإِنَّمَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ: خُذْهَا إنْ شِئْت وَلَا شَيْءَ لَك غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقْبَلَ مَا أَثَابَك بِهِ إنْ كَانَ أَثَابَك بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُثِبْك بِشَيْءٍ لَمْ يُجْبَرْ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ثَوَابٍ، إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الْهِبَةِ إنْ كَانَتْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَغَيَّرَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا رَبِّ الْهِبَةِ، فَإِنْ كَانَتْ تَغَيَّرَتْ الدَّارُ أُجْبِرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ: خُذْ الْآنَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ دَعْ إذَا قَضَى عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهَا. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبَهَا لَهُ رَجُلٌ جَاءَ الثَّوَابَ، فَتَغَيَّرَتْ الدَّارُ فِي يَدَيَّ الْمَوْهُوبِ لَهُ، ثُمَّ أَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِأَكْثَرَ مَنْ قِيمَةِ الدَّارِ أَضْعَافًا، أَيُقَالُ لِلشَّفِيعِ خُذْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ دَعْ أَوْ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يَأْخُذَهَا بِجَمِيعِ مَا أَثَابَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَهَبُونَ الْهِبَاتِ لِلثَّوَابِ رَجَاءَ أَنْ يَأْخُذُوا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ مَا أَعْطُوا، وَإِنَّمَا رَجَعُوا إلَى الْقِيمَةِ حِينَ تَشَاحُّوا بَعْدَ تَغْيِيرِ السِّلْعَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْهِبَةَ لَوْ كَانَتْ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ رُدَّتْ إلَّا أَنْ يُمْضِيَهَا الْوَاهِبُ بِغَيْرِ شَيْءٍ. وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ النَّاسِ هِبَةُ الثَّوَابِ إنَّمَا يَطْلُبُونَ بِهَا كَفَافَ الثَّمَنِ لَمَا وَهَبَ أَحَدٌ لِثَوَابٍ، وَلَحَمَلَهَا عَلَى وَجْهِ السُّوقِ فَانْتَقَدَ الثَّمَنَ، وَلَكِنَّهُمْ رَجَوَا الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت، شِقْصًا فِي دَارٍ رَجَاءَ الثَّوَابِ، فَقَالَ الشَّفِيعُ: أَنَا آخُذُهَا السَّاعَةَ بِالْقِيمَةِ أَيَكُونُ ذَلِكَ لِلشَّفِيعِ؟

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>