للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ شَهِدُوا لَهُ عَلَى الَّذِي وَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلَ جَائِزَة وَكُلُّ مَا كَانَ قَدْ أَوْقَعَ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى خَصْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَ هَذَا ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى هَذَا الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت وَكِيلًا عَلَى خُصُومَتِي وَأَنَا حَاضِرٌ فَقَالَ خَصْمِي لَا أَرْضَى؟

قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ، لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَوَكَّلَ إنَّمَا تَوَكَّلَ لِيَضُرَّ بِهَذَا الْخَصْمِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَكُلُّ وَكَالَةٍ كَانَتْ مِمَّنْ يَتَوَكَّلُ بِهَا أَوْ يُوَكِّلُ بِهَا إضْرَارًا فَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَبْتَاعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا دَعَاهُ إلَى ذَلِكَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ عَنَتَهُ.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ شِقْصًا لَهُ فِي دَارٍ وَلَهَا شُفَعَاءُ، بَعْضُهُمْ غُيَّبٌ وَبَعْضُهُمْ حُضُورٌ أَوْ كُلُّهُمْ غُيَّبٌ إلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ حَاضِرٌ مَنْ الشُّفَعَاءِ، فَطَلَبَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ أَوْ يَدَعُ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَدْفَعُ إلَيْهِ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْ شُفْعَتِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ وَأَرَادَ أَخْذَ جَمِيعِ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ، لَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَمْنَعَهُ وَلَيْسَ لِلَّذِي طَلَب الشُّفْعَةَ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ ذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ إذَا أَبَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي.

قُلْتُ: فَإِنْ أَخَذَ بِجَمِيعِ الشُّفْعَةِ فَقَدِمَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُيَّبِ؟

قَالَ: يُقَالُ لَهُ خُذْ نِصْفَ مَا فِي يَدِي صَاحِبِك مِنْ الشُّفْعَةِ، وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بَيْنَكُمَا وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَك.

قُلْتُ: وَكُلُّ مَنْ قَدِمَ مِنْ الْغُيَّبِ مِنْ الشُّفَعَاءِ يَدْخُلُ مَعَهُمْ، فَيَكُونُ مَعَهُمْ فِي الشُّفْعَةِ بِالسَّوِيَّةِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ بَلَغَ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ قَدْرَ حِصَّتِي مِنْ الشُّفْعَةِ وَأَدْعُ مَا سِوَى ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَهُوَ مَعَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فِي الشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا آخُذُ بِقَدْرِ حِصَّتِي مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

[أَخْذُ الْوَصِيِّ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبَلِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ، أَيَأْخُذُ لِلْحَبَلِ بِالشُّفْعَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَأْخُذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُولَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي رَأْيِي، فَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَبَعْدَ الِاسْتِهْلَالِ صَارِخًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ، هُمَا شَرِيكَانِ فِي الدَّارِ، بَاعَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مِنْ مُسْلِمٍ، أَيَكُونُ لِشَرِيكِهِ النَّصْرَانِيِّ فِي ذَلِكَ شُفْعَةٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>