للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا نَصِيبَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مَنْ الْعُيُونِ وَالْأَرَضِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَعْطِنِي نَصِيبِي مَنْ كُلِّ عَيْنٍ وَمَنْ كُلِّ أَرْضٍ؟

قَالَ: إذَا اسْتَوَتْ الْعُيُونُ فِي سَقْيِهَا الْأَرْضَ وَاسْتَوَتْ الْأَرْضُ فِي الْكَرْمِ، وَكَانَتْ قَرِيبًا بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ حَتَّى لَا يَكُونَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا شَدِيدًا، قَسَّمْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعُيُونُ فِي سَقْيِهَا الْأَرْضَ وَغَزْرِهَا وَاخْتَلَفَتْ الْأَرْضُ فِي كَرْمِهَا، قَسَّمْتُ كُلَّ أَرْضٍ وَعُيُونَهَا عَلَى حِدَةٍ، بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ عِنْدَ مَالِكٍ.

[فِي بَيْعِ النَّخْلِ بِالنَّخْلِ وَفِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أَزْهَى أَوْ لَمْ يُزْهِ]

ِ قُلْتُ: أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَبِيعَ نَخْلًا لِي فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أَزْهَى أَوْ لَمْ يُزْهِ وَهُوَ طَلْعٌ بَعْدُ، بِنَخْلٍ لِرَجُلٍ فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أَزْهَى أَوْ لَمْ يُزْهِ أَوْ هُوَ طَلْعٌ بَعْدُ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْجِنَانَيْنِ أَوْ الْحَائِطَيْنِ، يَبِيعُ أَحَدُهُمَا جِنَانَهُ أَوْ حَائِطَهُ مِنْ النَّخْلِ بِجِنَانِ صَاحِبِهِ أَوْ بِحَائِطِ صَاحِبِهِ مِنْ النَّخْلِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَانَ فِي إحْدَاهُمَا ثَمَرَةٌ وَالْأُخْرَى لَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ ثَمَرَةُ الْحَائِطَيْنِ بَلَحًا أَوْ طَلْعًا أَوْ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا اشْتَرَطَا الثَّمَرَةَ مَعَ الْأَصْلِ. قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الْحَائِطَ وَفِيهِ الثَّمَرُ لَمْ يُؤَبَّرْ بَعْدُ، بِقَمْحٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ.

قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ، فَإِذَا اشْتَرَطَا الثَّمَرَةَ مَعَ الْأَصْلِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ تَبَايَعَا الْأَصْلَيْنِ بِغَيْرِ ثَمَرَتِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إذَا كَانَتْ ثَمَرَتُهُمَا قَدْ أُبِّرَتْ أَوْ كَانَتْ بَلَحًا أَوْ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا. وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَتُهُمَا لَمْ تُؤَبَّرْ فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَتَبَايَعَاهُمَا عَلَى حَالٍ، لَا إنْ كَانَتْ ثَمَرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِطَيْنِ لِصَاحِبِهِ، وَلَا إنْ كَانَتْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فَهُوَ بَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ بِثَمَرَةٍ لَمْ تَبْلُغْ فَهُوَ الثَّمَرُ بِالثَّمَرِ إلَى أَجَلٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبِيعَ حَائِطًا وَفِيهِ ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فَيَسْتَثْنِي ثَمَرَهُ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُبَايِعَ صَاحِبَهُ حَائِطَهُ بِحَائِطِهِ وَيَحْبِسَ ثَمَرَتَهُ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةُ أَحَدِهِمَا قَدْ أُبِّرَتْ وَثَمَرَةُ الْآخَرِ لَمْ تُؤَبَّرْ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ إحْدَاهُمَا بِصَاحِبَتِهَا إذَا كَانَتْ الَّتِي قَدْ أُبِّرَتْ لِصَاحِبِهَا، فَإِنْ اسْتَثْنَاهَا صَاحِبُ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ فَلَا يَحِلُّ.

قُلْتُ: فَأَصْلُ مَا كَرِهَ مَالِكٌ مِنْ هَذَا، أَنَّ النَّخْلَ إذَا كَانَ فِيهَا طَلْعٌ أَوْ بَلَحٌ أَوْ بُسْرٌ أَوْ رُطَبٌ أَوْ تَمْرٌ، لَمْ يَصْلُحْ أَنْ تُبَاعَ تِلْكَ النَّخْلُ بِمَا فِي رُءُوسِهَا بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ، وَيَجُوزُ بِالدَّرَاهِمِ وَبِالْعُرُوضِ كُلِّهَا؟

قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَجُدَّا مَا فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَيَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، فَيَكُونَ ذَلِكَ جَائِزًا بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>