للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَمْنَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الثَّوْبِ الَّذِي ادَّعَيْتُهُ، أَقَمْتُ أَنَا الْبَيِّنَةَ صَارَ لِي فِي الْقِسْمَةِ وَأَقَامَ صَاحِبِي أَيْضًا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، لِمَنْ يَكُونُ؟

قَالَ: إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ فِي يَدَيْهِ الثَّوْبُ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: وَالْغَنَمُ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ الثِّيَابِ إذَا اقْتَسَمَاهَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا؟

قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

[مَا جَاءَ فِي الرَّجُلَيْنِ يَقْتَسِمَانِ الدَّارَ فَيَدَّعِي أَحَدُهُمَا بَيْتًا بَعْدَ الْقَسْمِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمْنَا دَارًا فَاخْتَلَفْنَا فِي بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْبَيْتُ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنَّا فَادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا؟

قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ الْقِسْمَةُ كُلُّهَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ قَدْ حَازَ ذَلِكَ الْبَيْتَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِنْ أَبَى الْيَمِينَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا جُعِلَ الْبَيْتُ لِصَاحِبِهِ الْآخَرِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ، وَلَا يَكُونُ لَهُ الْبَيْتُ إذَا أَبَى صَاحِبُهُ الْيَمِينَ إلَّا بَعْدَمَا يَحْلِفُ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَمَّا مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ فِي رَدِّ الْيَمِينِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ مَالًا وَقَدْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ، فَيُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ وَابْرَأْ فَيَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ، أَيُقْضَى بِالْمَالِ عَلَيْهِ أَمْ يَقُولُ السُّلْطَانُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ، وَإِلَّا لَمْ يَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِهِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ يَعْرِفُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْيَمِينِ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ، فَهَذَا يُشْبِهُ مَا أَخْبَرْتُكَ مِنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْبَيْتِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْقِسْمَةِ.

[مَا جَاءَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ الْقِسْمَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْحَدِّ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الدَّارِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا الْحَدُّ مِنْ هَهُنَا وَدَفَعَ عَنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ صَاحِبِهِ، وَقَالَ صَاحِبُهُ بَلْ الْحَدُّ مِنْ هَهُنَا وَدَفَعَ عَنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ صَاحِبِهِ؟

قَالَ: إنْ كَانَا قَسَمَا الْبُيُوتَ عَلَى حِدَةٍ وَالسَّاحَةَ عَلَى حِدَةٍ، تَحَالَفَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَفُسِخَتْ الْقِسْمَةُ فِي السَّاحَةِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تُفْسَخْ الْقِسْمَةُ فِي الْبُيُوتِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْحَدِّ وَفِي السَّاحَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْبُيُوعِ. وَإِنْ كَانَا قَسَمَا فِي الْبُيُوتِ وَالسَّاحَةِ قَسْمًا وَاحِدًا، تَرَاضَيَا بِذَلِكَ فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا قِسْمَةٌ وَاحِدَةٌ اخْتَلَفَا فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>