للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبَوْا رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَبِيعَ مِنْ مَالِ هَذَا الْمَيِّتِ مِقْدَارُ وَصِيَّةِ هَذَا الرَّجُلِ إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ مَا بَقِيَ. وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْوَرَثَةَ هَهُنَا بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبُّوا أَنْ يُؤَدُّوا الدَّيْنَ الَّذِي لَحِقَ مِنْ الْوَصِيَّةِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا رَدُّوا مَا أَخَذُوا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ فَبَاعُوا مِنْهُ مِقْدَارَ دَيْنِ هَذَا الْمَيِّتِ وَاقْتَسَمُوا مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ هَذَا مَالُ الْمَيِّتِ الَّذِي وَرِثْنَاهُ فَأَخْرِجُوا مِنْهُ الدَّيْنَ وَلَا نُخْرِجُ نَحْنُ الدَّيْنَ مِنْ أَمْوَالِنَا. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ حَظَّهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ نَحْنُ نُخْرِجُ الدَّيْنَ مِنْ أَمْوَالِنَا، وَقَالَ أَحَدُهُمْ لَا أُخْرِجُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِي وَلَكِنْ رُدُّوا الْقِسْمَةَ وَبِيعُوا فَأَوْفُوا الْوَصِيَّةَ، ثُمَّ اقْتَسِمُوا مَا بَقِيَ فِيمَا بَيْنَنَا.

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ هَذَا الَّذِي أَبَى، وَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَدْفَعُونَ إلَى هَذَا الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ، ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ مَا بَقِيَ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إذَا أَبَى صَاحِبُهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا مَا فِي يَدَيْهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا لَحِقَ دَخَلَ فِي جَمِيعِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. فَلَوْ جَوَّزْنَا لَهُمْ مَا قَالُوا لَقُلْنَا لِهَذَا لِذِي أَبَى: بِعْ مَا فِي يَدَيْكَ وَأَوْفِ الْغُرَمَاءَ أَوْ هَذَا الْمُوصَى لَهُ حِصَّتَكَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ الَّذِي لَحِقَهُ يَغْتَرِقُ مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَعَلَّ قِسْمَتَهُمْ إنَّمَا كَانَتْ عَلَى التَّغَابُنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، أَوْ لَعَلَّهُ قَدْ أَتَتْ جَائِحَةٌ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ فَأَتْلَفَتْهُ، ثُمَّ لَحِقَ الدَّيْنُ أَوْ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ شَيْءٌ. فَهَذَا الَّذِي يَدُلُّكَ عَلَى إبْطَالِ الْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ إذَا أَبَى هَذَا الْوَاحِدُ وَقَالَ لَا أُخْرِجُ حِصَّتِي، وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُمْ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي أَبَى لَوْ تَلِفَ مَا فِي يَدَيْهِ مِمَّا كَانَ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بِجَائِحَةٍ أَتَتْ مِنْ السَّمَاءِ، لَمْ يَضْمَنْ فَلَا تَتِمُّ الْوَصِيَّةُ وَلَا يَتِمُّ الدَّيْنُ، وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا بِعَيْنِهِ عَنْ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ وَقَدْ اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ، أُخِذَ الدَّيْنُ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا تَلِفَ بِأَمْرٍ مِنْ أَمْرِ السَّمَاءِ مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ مَا تَلِفَ فِي يَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَالَ مَالِكٌ هَذَا، عَلِمْنَا أَنَّ الْقِسْمَةَ تُنْتَقَضُ فِيمَا بَيْنَهُمَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَحِقَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ فِي مَالِ هَذَا الْمَيِّتِ، وَقَدْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الدُّورَ وَالرَّقِيقَ وَجَمِيعَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَقَامَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ: تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَنَبِيعُ فَنُوَفِّي هَذَا الرَّجُلَ حَقَّهُ أَوْ وَصِيَّتَهُ، وَالْوَصِيَّةُ دَرَاهِمُ أَوْ كَيْلٌ مِنْ الطَّعَامِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ: لَا أَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَلَكِنْ أَنَا أُوَفِّي هَذَا الرَّجُلَ دَيْنَهُ أَوْ وَصِيَّتَهُ مِنْ مَالِي، وَلَا أَتْبَعُكُمْ بِشَيْءٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مُغْتَبِطٌ بِحَظِّهِ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا أَوْ أَرَى ذَلِكَ لَهُ وَلَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ.

[فِي قَسْمِ الْقَاضِي الْعَقَارَ عَلَى الْغَائِبِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ قَرْيَةٌ بَيْنَ أَبِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مَنْ شِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَرِثَاهَا، فَغَابَ الرَّجُلُ وَهَلَكَ وَالِدِي فَأَرَدْنَا أَنْ نُقَسِّمَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَيُقَسِّمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَعْزِلُ نَصِيبَ الْغَائِبِ.

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَتْ شَرِكَةُ أَبِي مَعَ هَذَا الْغَائِبِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>