للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَآخُذُ أَنَا هَذَا الْقَمْحَ، أَوْ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَآخُذُ نَصِيبَكَ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا، وَهَذَا فِيمَا فَضَلَ بَعْدَ حِصَّتِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

قُلْتُ: فَلَوْ وَرِثْنَا أَنَا وَأَخٌ لِي مِائَةَ إرْدَبٍّ مِنْ حِنْطَةٍ وَمِائَةَ إرْدَبٍّ مَنْ شَعِيرٍ، فَأَخَذْتُ أَنَا سِتِّينَ إرْدَبًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَأَرْبَعِينَ إرْدَبًّا مَنْ شَعِيرٍ، وَأَخَذَ أَخِي سِتِّينَ إرْدَبًّا مَنْ شَعِيرٍ وَأَرْبَعِينَ إرْدَبًّا مَنْ حِنْطَةٍ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ الَّتِي أَخَذَ أَحَدُهُمَا هِيَ مِثْلُ مَا أَخَذَ شَرِيكُهُ، وَمَا زَادَ عَلَى الَّذِي أَخَذَ شَرِيكُهُ فَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ بَادَلَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ؟ قَالَ: وَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْقَوْمِ يَرِثُونَ الْحُلِيَّ مِنْ الذَّهَبِ، فَتَقُولُ أُخْتُهُمْ اُتْرُكُوا إلَيَّ هَذَا الْحُلِيَّ وَأَنَا أُعْطِيكُمْ وَزْنَ حَقِّكُمْ مِنْ هَذَا الْحُلِيِّ ذَهَبًا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَزَنْتَ ذَلِكَ لَهُمْ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثْنَا حِنْطَةً وَقُطْنِيَّةً اقْتَسَمْنَا ذَلِكَ أَنَا وَأَخِي أَخَذْتُ أَنَا الْحِنْطَةَ وَأَعْطَيْتُ أَخِي الْقُطْنِيَّةَ، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ، فَإِنْ كَانَ زَرْعًا قَدْ بَلَغَ وَطَابَ لِلْحَصَادِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْصَدَ كُلُّهُ مَكَانَهُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ حِنْطَةً وَقُطْنِيَّةً، وَإِنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ زَرْعًا حَتَّى يَحْصُدَاهُ وَيَدْرُسَاهُ وَيَقْتَسِمَاهُ بِالْكَيْلِ.

[مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ يَقْتَسِمُونَ الدُّورَ فَتُسْتَحَقُّ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ وَقَدْ بَنَى]

قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَسَمْنَا دَارًا بَيْنَنَا فَبَنَى أَحَدُنَا فِي نَصِيبِهِ الْبُنْيَانَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ نَصِيبِ الَّذِي بَنَى بِعَيْنِهِ؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا بَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ فَذَلِكَ فَوْتٌ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ إنَّمَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ نَصِيبِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فِي نَصِيبِهِ شَيْئًا، كَانَ ذَلِكَ فَوَاتًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَيُقَالُ لِلَّذِي بَنَى أَخْرِجْ قِيمَةَ مَا صَارَ لَكَ وَيَرُدُّ هَذَا كُلَّ مَا فِي يَدَيْهِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْقِيمَةَ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إذَا كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا تُرِكَتْ الْقِسْمَةُ وَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ رُبُعَ مَا فِي يَدَيْهِ رَجَعَ بِثَمَنِ قِيمَةِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ الَّذِي بَنَى نَصِيبَهُ وَكَانَ نَصِيبُهُ فَوْتًا.

قُلْتُ: وَالدَّارَانِ وَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ؟

قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَرْضًا وَاحِدَةً فَاقْتَسَمُوهَا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا، أَوْ أَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَهُوَ سَوَاءٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ اقْتَسَمْنَا أَرْضَيْنِ فَأَخَذْتُ أَنَا أَرْضًا وَأَخَذَ صَاحِبِي أُخْرَى، فَغَرَسَ أَحَدُنَا فِي أَرْضِهِ وَبَنَى، فَأَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَ الْأَرْضِ الَّتِي صَارَتْ لِهَذَا الَّذِي غَرَسَ وَبَنَى؟

قَالَ: يُقَالُ لِهَذَا الْمُسْتَحِقِّ ادْفَعْ إلَى هَذَا الَّذِي غَرَسَ قِيمَةَ غِرَاسَتِهِ وَبُنْيَانِهِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي اسْتَحْقَقْتَهَا، وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْكَ قِيمَةَ أَرْضِكَ بَرَاحًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>