للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمُنًا أَوْ تُسْعًا رَجَعَ فَأَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ قِيمَةَ نِصْفِ عُشْرِ مَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَصَابَ عَيْبًا بِدَارٍ مِنْهَا قُسِمَتْ هَذِهِ الْمَعِيبَةُ وَمَا يَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

قُلْتُ: وَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ فِي هَذَا مُخَالِفَةٌ فِي الْقِسْمَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِلدُّورِ الْكَثِيرَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ يَدْخُلُ فِيهَا الضَّرَرُ عَلَيْهِ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَسْكُنَ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ لَهُ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ أَنْ يَرُدَّ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ يَشْتَرِي فَيُسْتَحَقُّ نِصْفُهُ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ. وَإِذَا كَانَتْ دُورًا كَثِيرًا فَإِنَّمَا تُحْمَلُ مَحْمَلَ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي جُمْلَةِ الرَّقِيقِ وَجُمْلَةِ الدُّورِ وَجُمْلَةِ الْمَتَاعِ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى مَا بَقِيَ فَيَكُونُ مِثْلَ الدَّارِ.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ جَارِيَتَيْنِ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ، أَخَذْت أَنَا وَاحِدَةً وَأَعْطَيْته أُخْرَى، فَوَطِئَ صَاحِبِي جَارِيَتَهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّهَا بَعْدَمَا وَلَدَتْ؟ قَالَ: يَأْخُذُ الْجَارِيَةَ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا وَيَرْجِعُ هَذَا الَّذِي اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدَيْهِ عَلَى صَاحِبِهِ فَيُقَاسِمُهُ الْجَارِيَةَ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ فَاتَتْ، فَإِنْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَفُوتُ بِهِ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَجَدَ رَجُلٌ جَارِيَتَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَقَدْ كَانَتْ سُرِقَتْ مِنْهُ فَثَبَتَ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ يَسْتَحِقُّهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَكِنْ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ أَنَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ قِيمَةَ وَلَدِهَا.

قُلْتُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ جَارِيَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ مَنْ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَمَا فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ حَوَالَةِ أَسْوَاقٍ فِي يَدِ هَذَا الْمُشْتَرِي، أَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْ فِي يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَمَنَهَا مِنْ الْبَائِعِ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَتَهُ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ حَالَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ يَأْخُذُ ثَمَنَهَا مِنْ بَائِعِهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهَا عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا وَقَدْ حَالَتْ بِالْأَسْوَاقِ أَوْ بِنَمَاءٍ أَوْ بِنُقْصَانٍ؟

قَالَ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعُرُوضَ مِنْ يَدِ بَائِعِ الْجَارِيَةِ زَادَتْ الْعُرُوض أَوْ نَقَصَتْ لَا حُجَّةَ لِلْبَائِعِ فِي زِيَادَةِ الْعُرُوضِ وَلَا نُقْصَانِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ جَارِيَتِهِ.

قَالَ: وَلِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ مِنْ رَجُلٍ، فَوَجَدَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْ صَاحِبِهِ عَيْبًا فَرَدَّهَا وَقَدْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ فِي الَّتِي وَجَدَ فِيهَا الْعَيْبَ وَفِي الْأُخْرَى، كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الَّتِي وَجَدَ فِيهَا الْعَيْبَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُخْرَى، وَلَكِنْ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: وَلِمَ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَجِدْ بِجَارِيَتِهِ عَيْبًا كَانَ ضَامِنًا لَهَا فَعَلَيْهِ نُقْصَانُهَا وَلَهُ نَمَاؤُهَا، وَاَلَّذِي وَجَدَ بِجَارِيَتِهِ عَيْبًا لَمْ يَرْضَ بِهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِلْعَيْبِ الَّذِي أَصَابَ بِهَا، فَإِذَا رَدَّهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا زَادَ فِي الْجَارِيَةِ الْأُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>