للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْقُسَّامِ مِنْ أَنْ يُقَوِّمُوهُ وَيُدْخِلُوهُ فِي الْقِسْمَةِ، يُقَوِّمُونَ الْغُرْفَةَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ الْمُرْفَقِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ خَشَبَ هَذَا السَّطْحِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ هَذِهِ الْغُرْفَةِ، عَلَى مَنْ يُقَوِّمُونَ خَشَبَ السَّطْحِ هَؤُلَاءِ الْقُسَّامُ؟

قَالَ: إنْ كَانَ تَحْتَ هَذَا السَّطْحِ بَيْتٌ جَعَلَ الْقُسَّامُ قِيمَةَ خَشَبِ هَذَا السَّطْحِ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تَحْتَهُ، وَاَلَّذِي سَقْفُهُ هَذَا السَّطْحُ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ.

قُلْتُ: فَلَوْ كَانَتْ غُرْفَةٌ فَوْقَ بَيْتٍ، فَأَرَادَ الْقُسَّامُ أَنْ يَقْتَسِمُوا الْبُنْيَانَ، كَيْفَ يُقَوِّمُونَ خَشَبَ سَقْفِ هَذَا الْبَيْتِ وَعَلَيْهِ خَشَبُ الْغُرْفَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْسَمُ خَشَبُ سَقْفِ الْبَيْتِ الَّذِي فَوْقَهُ غُرْفَةٌ مَعَ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ وَلَا يُقْسَمُ مَعَ الْغُرْفَةِ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إنْ انْكَسَرَتْ خَشَبَةٌ مِنْ سَقْفِ هَذَا الْبَيْتِ وَفَوْقَهَا غَرْفَةٌ لِغَيْرِهِ، كَانَ عَلَى رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ إصْلَاحُ هَذِهِ الْخَشَبَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا لِأَنَّ فَوْقَهَا غُرْفَةٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي فَوْقَهُ غُرْفَةٌ لِغَيْرِ رَبِّ الْبَيْتِ إذَا رَثَّتْ حِيطَانُ الْبَيْتِ، كَانَ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ إصْلَاحُ الْحِيطَانِ لِئَلَّا تَنْهَدِمَ غُرْفَةُ الْأَعْلَى.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يُدَعِّمَ عُلُوَّهُ حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ السُّفْلِيِّ سَقْفَهُ وَيَفْرُغَ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِيِّ أَنْ يَبْنِيَ سُفْلِيَّةً إلَّا بِمَا كَانَ مَبْنِيًّا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا انْهَدَمَتْ الْغُرْفَةُ فَسَقَطَتْ عَلَى الْبَيْتِ فَهَدَمَتْهُ، أُجْبِرَ رَبُّ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ بَيْتَهُ لِصَاحِبِ الْغُرْفَةِ حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ الْغُرْفَةِ غُرْفَتَهُ، فَإِنْ أَبَى صَاحِبُ السُّفْلِيِّ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتَهُ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ بَيْتَهُ مِمَّنْ يَبْنِيهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ مُشْتَرٍ عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ فَقَالَ لَا أَبْنِيهِ؟ فَقَالَ: يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ أَوْ يَبِيعَهُ أَيْضًا مِمَّنْ يَبْنِيهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْبَيْتَ إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ إذَا قُسِمَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ، أَيُقْسَمُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْسَمُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: ٧] سُورَةُ النِّسَاءِ قُلْتُ: فَيَكُونُ لِصَاحِبِ هَذَا الْقَلِيلِ النَّصِيبِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهُ أَوْ يَرْتَفِقَ مِنْ السَّاحَةِ فِي حَوَائِجِهِ، بِمِثْلِ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ الْكَثِيرُ النَّصِيبِ فِي حَوَائِجِهِ؟

قَالَ: إنْ سَكَنَ مَعَهُمْ فَلَهُ أَنْ يَرْتَفِقَ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ مَعَهُمْ فَأَرَادَ أَنْ يَرْتَفِقَ بِالسَّاحَةِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَأَرَى ذَلِكَ لَهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ الدُّورِ وَالْمَنَازِلِ وَالْأَرَضِينَ وَالْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِي قِسْمَتِهِ الضَّرَرُ وَلَا يَكُونُ فِيمَا يُقْسَمُ مِنْهُ مُنْتَفَعٌ، فَأَرَى أَنْ يُبَاعَ وَيُقْسَمَ ثَمَنُهُ عَلَى الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهَذَا ضَرَرٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى سُكْنَاهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ الدَّارِ شُرَكَاؤُهُ نَحْنُ نَقْسِمُ السَّاحَةَ وَجَمِيعَ الْبُنْيَانِ لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِنَصِيبِهِ مِنْ السَّاحَةِ، يَبْنِي وَيَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ. وَقَالَ الْقَلِيلُ النَّصِيبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يُسْكَنُ لَا تَقْتَسِمُوا السَّاحَةَ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَأَرَى إذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا لَا تُقْسَمُ عَلَيْهِ السَّاحَةُ وَتُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>