للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَارِهِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ؛ لِأَنَّ جَارَهُ يَقُولُ قَدْ كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْ السِّكَّةِ الَّذِي هُوَ حِيَالُ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْتَحَ فِيهِ بَابًا لِدَارِكَ، لِي فِيهِ مُرْتَفَقٌ، أَفْتَحُ بَابِي فَأَنَا فِي سُتْرَةٍ، وَأُقَرِّبُ حُمُولَتِي إلَى بَابِ دَارِي فَلَا أُؤْذِي أَحَدًا، وَلَا أَتْرُكُكَ تَفْتَحُ حِيَالَ بَابِ دَارِي أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَتَتَّخِذَ عَلَيَّ فِيهِ الْمَجَالِسَ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا. فَإِذَا كَانَ هَذَا ضَرَرًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ مَا يَضُرُّهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ مَا شَاءَ وَيُحَوِّلَ بَابَهُ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ.

قُلْتُ: وَإِذَا كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً، فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ دَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا فِي جَوْفِ الْأُخْرَى - الدَّارُ الدَّاخِلَةُ لِقَوْمٍ شَتَّى وَالْخَارِجَةُ لِغَيْرِهِمْ - إلَّا أَنَّ لِأَهْلِ الدَّارِ الدَّاخِلَةِ الْمَمَرَّ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ وَالطَّرِيقُ لَهُمْ فِيهَا، فَاقْتَسَمَ أَهْلُ الدَّارِ الدَّاخِلَةِ دَارَهُمْ بَيْنَهُمْ فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا اقْتَسَمُوا أَنْ يَفْتَحَ فِي حِصَّتِهِ بَابًا إلَى الدَّارِ الْخَارِجَةِ، لِأَنَّ لَهُمْ فِيهَا الْمَمَرَّ. وَقَالَ صَاحِبُ الدَّارِ الْخَارِجَةِ: لَا أَتْرُكُكُمْ تَفْتَحُونَ هَذِهِ الْأَبْوَابَ عَلَيَّ وَإِنَّمَا لَكُمْ الْمَمَرُّ عَنْ مَوْضِعِكُمْ الَّذِي كَانَ؟

قَالَ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا بَابًا إلَى الدَّارِ الْخَارِجَةِ إلَّا الْبَابَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْخَلِيجِ الَّذِي أَمَرَّهُ فِي أَرْضِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ رِضَاهُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا - وَلِرَجُلٍ فِي جَنْبِهِمْ دَارٌ لَصِيقَةُ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ - فَاشْتَرَى هَذَا الرَّجُلُ النَّصِيبَ الَّذِي هُوَ مُلَاصِقُهُ فَفَتَحَ بَابًا فِي هَذَا النَّصِيبِ وَأَحْدَثَ الْمَمَرَّ - مَمَرَّ دَارِهِ فِي طَرِيقِ هَذَا النَّصِيبِ - فَأَبَى عَلَيْهِ صَاحِبُ النَّصِيبِ الْآخَرِ ذَلِكَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إذَا كَانَ إنَّمَا جَعَلَ فِي النَّصِيبِ الَّذِي اشْتَرَى لِيَرْتَفِقَ بِذَلِكَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ سَكَنَ مِنْ وَلَدِهِ وَيَتَوَسَّعَ بِالنَّصِيبِ وَيَكُونَ مَمَرُّهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا سِكَّةً نَافِذَةً لِلنَّاسِ يَدْخُلُونَ مِنْ بَابِ دَارِهِ يَتَحَرَّفُونَ إلَى النَّصِيبِ وَيَمُرُّونَ فِي النَّصِيبِ إلَى مَخْرَجِ النَّصِيبِ حَتَّى يَتَّخِذَ مَمَرًّا شِبْهَ الْمَمَرِّ فِي الزُّقَاقِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ حِينَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَسْكَنَ مَعَهُ غَيْرَهُ أَوْ آجَرَ الدَّارَ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا فِي النَّصِيبِ كَمَا كَانَ لَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَإِنَّمَا رَأَيْتُ مِنْ كَرَاهِيَةِ مَالِكٍ أَنْ يَجْعَلَهَا سِكَّةً نَافِذَةً فَقَطْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمُوا الْبُنْيَانَ بِالْقِيمَةِ وَالسَّاحَةَ مُذَارَعَةً، أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إذَا كَانَتْ السَّاحَةُ مِمَّا تَحْمِلُ الْقِسْمَةَ، أَوْ كَانَتْ السَّاحَةُ كُلُّهَا سَوَاءً وَتَسَاوَوْا فِي الذَّرْعِ فِيمَا بَيْنَهُمْ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاضِلَةً فَلَا أَرَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُقَسِّمُ السَّاحَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُقَسِّمُ السَّاحَةَ، وَفِي السَّاحَةِ فِي نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرْتَفِقُ بِهِ؟

قَالَ: تُقَسَّمُ السَّاحَةُ إذَا كَانَتْ بِحَالِ مَا وَصَفْتَ لِي عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَيَجُوزُ أَنْ نَقْسِمَ بَيْتًا

<<  <  ج: ص:  >  >>