للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخَمْسِ سِنِينَ - وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا - فَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْخَمْسِ سِنِينَ، مِمَّنْ يَكُونُ هَذَا الْعِتْقُ، أَمِنْ الْمَيِّتِ أَمْ مِنْ وَارِثِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْعِتْقُ مِنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ الْعِتْقُ مِنْ الْوَارِثِ.

قُلْتُ: فَهَلْ يَكُونُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّهَا تَخْدُمُهُ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْخَمْسَ سِنِينَ بَعْدَمَا أَعْتَقَهَا؟

قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّ عِتْقَهُ إيَّاهَا هِبَةٌ مِنْهُ لَهَا خِدْمَتَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِعِتْقِ أَمَةٍ لَهُ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مَنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، فَأَعْتَقَهَا أَحَدُ الْوَارِثِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ؟

قَالَ: إنَّمَا عِتْقُهُ هَهُنَا وَضْعُ خِدْمَتِهِ فَيُوضَعُ عَنْ الْأَمَةِ حَقُّ هَذَا مِنْ الْخِدْمَةِ، وَيَكُونُ نَصِيبُهُ مِنْهَا حُرًّا وَتَخْدُمُ الْبَاقِيَ نِصْفَ خِدْمَتِهَا، فَإِذَا انْقَضَى أَجَلُ الْخِدْمَةِ خَرَجَتْ حُرَّةً.

قُلْتُ: وَلَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ الَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهَا لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ مِنْهَا؟

قَالَ: لَا.

[فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا أَوْصَى فِي مَرَضِهِ لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ جَمِيعَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ حُرٌّ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَضْلٌ عَنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْطِي مَا فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ رَقَبَتِهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُعْتِقُ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُ أَنْ يُعْتِقَ جَمِيعَهُ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَ الرَّجُلِ فَأَعْتَقَ مِنْهُ جُزْءًا أُعْتِقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ.

قَالَ مَالِكٌ: فَالْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ إذَا أُعْتِقَ مِنْهُ جُزْءٌ أَحْرَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ عَلَى نَفْسِهِ مَا بَقِيَ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ رَأَيْتُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ وَيَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ الَّذِي بَعْدَ رَقَبَتِهِ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ، بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ يُعْتَقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يُعْتَقُ فِيمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا أُعْتِقَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: إنَّمَا أَعْتَقَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ بَعْدَ رَقَبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ.

قَالَ مَالِكٌ: فَهُوَ أَحْرَى بِاسْتِكْمَالِ عِتْقِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا وَجْهُ مَا سَمِعْتُ وَاسْتَحْسَنْتُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَوْلُ رَبِيعَةَ إنَّهُ يُقَوَّمُ فِي مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يُتِمَّ بِذَلِكَ عِتْقَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: إنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْعَبْدِ بِسُدُسِ الْمَالِ أَوْ بِثُلُثِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْعَلُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِرَقَبَتِهِ سُدُسُ الْمَالِ خَرَجَ الْعَبْدُ حُرًّا.

فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ، فَأَوْصَى لِلْعَبْدِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَفِي يَدِ الْعَبْدِ أَلْفُ دِينَارٍ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا ثُلُثَهُ وَيَكُونُ الْمَالُ بِيَدِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ. سَحْنُونٌ: وَكَذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ بِقَوْلِ مَالِكٍ هَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِمَالٍ أَيَجُوزُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ جَازَ ذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>