للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصِيَّتُهُ.

قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ يُجِيزُ وَصِيَّةَ ابْنِ أَقَلِّ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا كَانَ ابْنَ أَقَلِّ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ رَأَيْتُهُ جَائِزًا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ.

قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ؟ قَالَ: ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي وَصِيَّتِهِ اخْتِلَاطٌ. مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ هَهُنَا غُلَامًا يَفَاعًا مِنْ غَسَّانَ لَمْ يَحْتَلِمْ وَهُوَ ذُو مَالٍ وَوَارِثُهُ بِالشَّامِ، وَلَيْسَ لَهُ هَهُنَا إلَّا ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: فَلْيُوصِ لَهَا فَأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ يُقَالُ لَهُ بِئْرُ جُشَمَ. قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ: فَبِعْتُ أَنَا ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَابْنَةُ عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ. وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِثْلَهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَصَابَ وَجْهَ الْحَقِّ أَجَزْنَاهُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ الْهَادِ أَنَّ ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ جَارِيَةً لِثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعٍ، أَوْصَتْ لِعَمَّةٍ لَهَا بِثُلُثِ مَالِهَا فَاخْتَصَمُوا فِيهِ، فَأَجَازَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَصِيَّتَهَا. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجَازَ وَصِيَّةَ غُلَامٍ فِي ثُلُثِهِ ابْنِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.

[فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِعَبْدِ وَارِثِهِ أَوْ لِعَبْدِ نَفْسِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِعَبْدِ رَجُلٍ هُوَ وَارِثُهُ فِي مَرَضِهِ، أَتَجُوزُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي أَنْ يُشْتَرَى غُلَامُ ابْنِهِ فِي مَرَضِهِ فَيُعْتَقُ عَنْهُ، أَتَرَى أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِ مِثْلُ ثُلُثِ ثَمَنِهِ كَمَا يُزَادَ فِي عَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ؟

قَالَ: لَا، هَذَا إذًا يَكُونُ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَمَسْأَلَتُكَ تُشْبِهُ هَذَا، لَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ التَّافِهَ مِثْلَ الثَّوْبِ يَكْسُوهُ إيَّاهُ فِي وَصِيَّتِهِ، أَوْ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ وَجْهَ الْمُحَابَاةِ وَالْوَصِيَّةِ لِسَيِّدِهِ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَانَتْ مِنْ الْعَبْدِ لَهُ خِدْمَةٌ وَصُحْبَةٌ وَمِرْفَقٌ، فَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِعَبْدِ ابْنِهِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ ابْنِهِ؟

قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الَّذِي يُوصِي لِعَبْدِ نَفْسِهِ بِوَصِيَّةٍ دَنَانِيرَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَرَاهَا جَائِزَةً وَلَا أَرَى لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَنْزِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَنْزِعُوهُ لَكَانَتْ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ إذَا غَيَّرَ نَافِذَةً. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَأَرَى إنْ بَاعَهُ الْوَرَثَةُ أَنْ يَبِيعُوهُ بِمَالِهِ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِذَا بَاعُوهُ فَالْوَصِيَّةُ لَهُ. فَإِنْ أَرَادَ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَعَبْدُ ابْنِهِ إذَا كَانَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ ابْنِهِ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِ نَفْسِهِ إذَا كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لِعَبْدِ رَجُلٍ، أَيَكُونُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَنْتَزِعَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ عَبْدِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يَنْتَزِعَهُ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَارِثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>