للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَادَتْ عَلَى ثُلُثِهَا فَذَلِكَ كُلُّهُ ضَرَرٌ عِنْدَ مَالِكٍ، فَمَا كَانَ ضَرَرًا لَمْ يَجُزْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَازَ بَعْضُ الضَّرَرِ وَيُتْرَكَ بَعْضُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ - وَهُوَ قِيمَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ - وَأَوْصَى لِرَجُلٍ آخَرَ بِدَارِهِ - وَقِيمَةُ الدَّارِ أَلْفُ دِرْهَمٍ - وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ سِوَى ذَلِكَ فَأَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ؟

قَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: أَسْلِمُوا إلَى صَاحِبِ الدَّارِ مَبْلَغَ وَصِيَّتِهِ مِنْ الثُّلُثِ فِي الدَّارِ، وَأَسْلِمُوا إلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ مَبْلَغَ وَصِيَّتِهِ فِي الْعَبْدِ، وَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: احْبِسُوا مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّارِ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَالدَّارُ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَالْعَبْدُ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ نِصْفُ الْعَبْدِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالدَّارِ نِصْفُ الدَّارِ فَهَذَا ثُلُثُ الْمَيِّتِ، وَيَبْقَى فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَنِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدَّارِ، فَهَذَانِ أَلْفَانِ، أَلْفُ دِرْهَمٍ نَاضَّةٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْعَبْدِ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الدَّارِ، فَهَذَانِ أَلْفَانِ تَمَامُ الثُّلُثَيْنِ وَهَذَا الَّذِي آخُذُ بِهِ.

[فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِوَصَايَا ثُمَّ يُفِيدُ مَالًا بَعْدَ الْوَصَايَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ يَوْمَ أَوْصَى ثُمَّ أَفَادَ مَالًا فَمَاتَ؟

قَالَ: إنْ عَلِمَ الْمَيِّتُ بِمَا أَفَادَ فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى وَلَهُ مَالٌ ثُمَّ نَفَذَ مَالُهُ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ أَوْصَى، ثُمَّ أَفَادَ مَالًا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَاتَ، أَتَكُونُ وَصَايَاهُ فِي هَذَا الْمَالِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، إذَا أَقَرَّ وَصِيَّتَهُ فَهِيَ فِي مَالِهِ الَّذِي كَانَ فِي يَدَيْهِ يَوْمَ أَوْصَى، وَفِي كُلِّ مَالٍ يُفِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّا عَلِمَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى بِوَصَايَا فَوَرِثَ مَالًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ، أَيَكُونُ لِأَهْلِ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ الْمَالِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَهُ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مِثْلُ الْمِيرَاثِ، يَكُونُ بِأَرْضٍ قَدْ وَرِثَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَمَاتَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا، لَا عِتْقَ وَلَا غَيْرَهُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَمَا أَوْصَى قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ عَلِمَ بِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ غَيْرِ مَرَضِهِ، فَذَلِكَ سَوَاءٌ تَدْخُلُ الْوَصَايَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: إلَّا الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيمَا عَلِمَ بِهِ وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ دَارٍ أَعْمَرَهَا أَوْ أَرْضٍ حَبَسَهَا فِي صِحَّتِهِ فَرَجَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهَا إذَا كَانَتْ تَرْجِعُ غَيْرَ حَبْسٍ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا رَجَعَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَحْبَاسُ مَالًا بَعْدَ مَوْتِهِ بِعِشْرِينَ سَنَةً، وَقَدْ اقْتَسَمُوا الْمَالَ إلَّا أَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا لَمْ يَسْتَكْمِلُوا وَصَايَاهُمْ؟ قَالَ: يَرْجِعُونَ فِي هَذَا الَّذِي رَجَعَ مِنْ هَذَا الْحَبْسِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ مَالًا لِلْمَيِّتِ، فَيَأْخُذُونَ ثُلُثَهُ وَهَذَا الْحَبْسُ إذَا كَانَ إنَّمَا هُوَ عُمْرَى أَوْ سُكْنَى هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَتَرْجِعُ فِيهِ الْوَصَايَا، فَأَمَّا الْحَبْسُ الْمُبَتَّلُ فَلَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَلَا تَرْجِعُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>