للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعَ يَحْيَى بْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ الْجَزَرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ وَلَيْسَ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ» .

ابْنُ وَهْبٍ: وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنْ يَغْزُوَ بِهِ. قَالَ: لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا لِمَنْ أَحَقُّ مَنْ خَرَجَ بِهِ إذَا أَذِنَ الْوَرَثَةُ وَطَيَّبُوا. قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَضَعُهُ حَيْثُ يَرَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنْ أَرَادَ وَلِيُّهُ أَنْ يَغْزُوَ بِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ غَيْرُهُ يُرِيدُونَ الْغَزْوَ فَإِنَّهُمْ يَغْزُونَ فِيهِ بِالْحِصَصِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ. وَهُوَ يُرِيدُ الْغَزْوَ، فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا وَضَعَ فِيهِ. وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَتْ وَأَوْصَتْ بِوَصِيَّةٍ لِبَعْضِ مَنْ يَرِثُهَا، وَأَوْصَتْ بِوَصِيَّةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَلَّمَ زَوْجُهَا الْوَصِيَّةَ لِلْوَرَثَةِ رَجَاءَ أَنْ يُعْطُوهُ الْوَصِيَّةَ الَّتِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَنَّهُ غَازٍ، فَمُنِعَ الْوَصِيَّةَ الَّتِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَجَازَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ. قَالَ: لَا يَرْجِعُ فِيمَا أَجَازَ، وَلَا يَحْتَجُّ فِي طَلَبِ رَدِّ مَا أَعْطَى لِرَجَاءِ شَيْءٍ لَمْ يُقْطَعْ إلَيْهِ وَلَمْ يُقَرَّ لَهُ.

[فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مَا قَوْلُ مَالِكٌ فِيهِ؟ أَصَرُورَةٌ أَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ أَمْ مَنْ قَدْ حَجَّ؟

قَالَ: إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ أُنْفِذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ إذَا أَوْصَى أَنْ يُنْفِذُوا مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ إلَّا مَنْ قَدْ حَجَّ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ أَنَا مِنْهُ.

قَالَ: فَإِنْ اسْتَأْجَرُوا مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعُوا وَصِيَّةَ هَذَا الْمَيِّتِ إلَى عَبْدٍ لِيَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ، أَيُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ؟

قَالَ: لَا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنَّ الْعَبْدَ لَا حَجَّ لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ رَأَيْتُ أَنْ لَا يَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ.

قُلْتُ: فَالْمَرْأَةُ تَحُجُّ عَنْ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ؟

قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ فِي هَذَا عِنْدَك بِمَنْزِلَةِ الْعَبِيدِ، لَا يَحُجُّونَ عَنْ مَيِّتٍ أَوْصَى بِحَجٍّ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: فَمَنْ يَضْمَنُ هَذِهِ النَّفَقَةَ الَّتِي حَجَّ بِهَا هَذَا الْعَبْدُ عَنْ الْمَيِّتِ؟

قَالَ: الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ.

قُلْتُ: وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعُوا إلَى عَبْدٍ أُوصِيَ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يَجُوزَ، وَأَرَى إنْ دَفَعُوا ذَلِكَ إلَى عَبْدٍ أُوصِيَ أَنْ يَضْمَنُوا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا ظَنُّوا أَنَّهُ حُرٌّ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ وَاجْتَهَدَ الدَّافِعُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ جَهْلُهُمْ بِاَلَّذِي يُزِيلُ الضَّمَانَ عَنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>