للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِخَادِمَةٍ لِرَجُلٍ فَوَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي: إنَّ وَلَدَهَا لِلْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ فِي وَلَدِهَا شَيْءٌ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ. فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ الَّتِي أَثْمَرَتْ النَّخْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَنَّهَا لَا تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْحَائِطِ، وَكَذَلِكَ إذَا أُبِّرَتْ النَّخْلُ أَوْ أُلْقِحَتْ الشَّجَرُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا أَثْمَرَ الْحَائِطُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمُوا، أَوْ يَجْمَعُوا الْمَالَ ثُمَّ جَمَعُوا الْمَالَ فَحَمَلَ الثُّلُثُ الْحَائِطَ، لِمَنْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يُدَبِّرُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَمُوتُ فَيُوقَفُ مَالُ الْمُدَبَّرِ حَتَّى يُجْمَعَ مَالُ الْمَيِّتِ فَيَكْتَسِبَ الْمُدَبَّرُ مَالًا قَبْلَ أَنْ يُجْمَعَ مَالُ الْمَيِّتِ: فَإِنَّ مَالَ الْمُدَبَّرِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ عَنْهُ - وَهُوَ فِي يَدَيْهِ - يُقَوَّمُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَلَا يُقَوَّمُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا أَفَادَ مِنْ مَالِ كَسْبِهِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِمَالِهِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ كَانَ مَا كَسَبَ أَوْ أَفَادَ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ، إنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ لِأَحَدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ، فَإِنْ فَعَلَ فَرَبِحَ مَالًا فِي مَالِهِ الَّذِي تَرَكَهُ سَيِّدُهُ فِي يَدَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ سِلَعٍ اشْتَرَاهَا، كَانَ ذَلِكَ الرِّبْحُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الَّذِي مَاتَ السَّيِّدُ عَنْهُ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ يُقَوَّمُ بِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ، وَالرِّبْحُ هَهُنَا خِلَافُ الْفَوَائِدِ وَالْكَسْبِ. قَالَ: فَإِنْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ، فَوَقَفَ الْعَبْدَ لِمَا يُخَافُ مِنْ تَلَفِ الْمَالِ فَأَفَادَ مَالًا. قَالَ: فَلَا يَدْخُلُ مَا أَفَادَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْعِتْقِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، وَلَا بَعْدَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ثُلُثِهِ، وَكَانَ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ عِتْقِهِ بَتْلًا، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَيَجْرِي مَجْرَاهُ فِيمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ وَمَا أَفَادَ. قَالَ: وَإِنْ اسْتَحْدَثَ الْمَرِيضُ الَّذِي أَعْتَقَ بَتْلًا دَيْنًا، كَانَ مَا اُسْتُحْدِثَ مِنْ الدَّيْنِ مُضِرًّا بِالْعَبْدِ وَيَلْحَقُهُ، لِأَنَّ مَا اُسْتُحْدِثَ مِنْ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ مَا تَلِفَ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ.

قَالَ: وَالثَّمَرَةُ إذَا مَا أَثْمَرَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ إذَا خَرَجَتْ النَّخْلُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا تُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ مَعَ الْأَصْلِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِوِلَادَةٍ فَتُقَوَّمُ مَعَهَا، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي الْوِلَادَةُ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَالثَّمَرَةُ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ وَالْغَلَّةِ وَهُوَ رَأْيِي.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ لَنَا غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ: إنَّ مَا اجْتَمَعَ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ تِجَارَةٍ فِي حَالِ الْوَقْفِ لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ مَالِ السَّيِّدِ مِنْ كَسْبِهِ، أَوْ فِي مَالٍ إنْ كَانَ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ فَوَائِدَ طَلَعَتْ لَهُ مِنْ الْهِبَاتِ وَغَيْرِهَا، إلَّا مَا جَنَى بِهِ عَلَيْهِ فَأَخَذَ لَهُ أَرْشًا، فَإِنَّ ذَلِكَ مَالٌ لِسَيِّدِهِ الْمَيِّتِ. فَجَمِيعُ مَا صَارَ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ يُقَوَّمُ مَعَ رَقَبَتِهِ، وَهُوَ كَمَالِهِ الَّذِي مَاتَ سَيِّدُهُ عَنْهُ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ خَرَجَتْ الرَّقَبَةُ مِنْ الثُّلُثِ بِالْمَالِ خَرَجَ حُرًّا وَكَانَ الْمَالُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَمَا خَرَجَ مِنْهُ، فَإِنْ خَرَجَ نِصْفُهُ عَتَقَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ مَوْقُوفًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ شِرْكٌ فِي نَفْسِهِ. فَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ مَا أُعْتِقَ بَتْلًا فِي مَرَضِهِ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>