للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْغَلَّةِ، وَأَمَّا الْوَصَايَا فَإِنِّي لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا السَّاعَةَ، إلَّا أَنِّي أَرَاهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَالَ فِي الَّذِي يُوصِي لِأَخْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِمْ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْأَخْوَالِ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْسَنُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ غَيْرُهُ. وَلَيْسَ وَصِيَّةُ الرَّجُلِ لِوَلَدِ رَجُلٍ أَوْ لِأَخْوَالِهِ بِمَالٍ يَكُونُ لَهُمْ نَاجِزًا يَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ، بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ لِوَلَدِ رَجُلٍ أَوْ لِأَخْوَالِهِ بِغَلَّةِ نَخْلٍ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ مُحْبَسَةً عَلَيْهِمْ مَوْقُوفَةً؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ إنَّمَا قِسْمَتُهُ إذَا حَضَرَتْ الْغَلَّةُ كُلَّ عَامٍ، فَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ مَجْهُولُ قَوْمٍ. وَإِذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ يُقْسَمُ نَاجِزًا يُؤْخَذُ مَكَانَهُ، فَكَانَ وَلَدُ الرَّجُلِ مَعْرُوفِينَ لِقِلَّتِهِمْ وَأَنَّهُ يُحَاطُ بِهِمْ أَوْ لِأَخْوَالِهِ فَكَانُوا كَذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ أَوْصَى لِقَوْمٍ مُسَمِّينَ بِأَعْيَانِهِمْ. وَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى قَوْمٍ مَجْهُولِينَ لَا يُعْرَفُ عِدَّتُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ لَمْ يُرِدْ بِهَا قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى وَلَا يُعْرَفُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ وَصِيَّتِهِ لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَى لِبَنِي زُهْرَةَ أَوْ لِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَعُمَّهُمْ، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ تُنَفَّذَ وَصِيَّتُهُ فَتَكُونَ عَلَى مَنْ حَضَرَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى رَجُلٌ فَقَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِفُلَانٍ يَوْمئِذٍ وَلَدٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَبَسَ دَارًا عَلَى قَوْمٍ حَبْسًا صَدَقَةً فَمَاتَ مَنْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ، رَجَعَتْ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبِسِ - عُصْبَةً كَانُوا أَوْ بَنَاتٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ - حَبْسًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّمَا يَرْجِعُ الْحَبْسُ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَرَابَةٌ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً؟

قَالَ: تَرْجِعُ الدَّارُ إلَيْهَا وَإِلَى عُصْبَةِ الرَّجُلِ، وَيُؤْثِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ وَلَا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا. فَأَرَى هَذَا حِينَ مَاتَ وَلَدُهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَرَابَتِهِ حَبْسًا فِي أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهَا قَدْ حِيزَتْ. قَالَ: وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ، فَأَرَاهَا جَائِزَةً لِوَلَدِ فُلَانٍ - ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فِيهَا سَوَاءٌ - وَيَنْتَظِرُ بِهَا حَتَّى يَنْظُرَ أَيُولَدُ لِفُلَانٍ أَمْ لَا يُولَدُ لَهُ إذَا أَوْصَى وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ، فَإِنْ أَوْصَى وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِرَجُلٍ، فَإِذَا الرَّجُلُ الْمُوصَى لَهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ عَلِمَ بِمَوْتِهِ حِينَ أَوْصَى فَهِيَ لِلْمَيِّتِ يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ، وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِأَهْلِ دَيْنِهِ، فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ مِثْلَ هَذَا.

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ عِنْدَكَ إنْ كَانَ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَمَا أَوْصَى لَهُ، أَوْ أَوْصَى لَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ؟

قَالَ: إذَا أَوْصَى لَهُ وَهُوَ حَيٌّ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَقَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلٌ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَيُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا إذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ وَصَايَاهُمْ، وَيَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ دُونَ أَهْلِ الْوَصَايَا.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>