للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفُلَانٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِي، وَلِفُلَانٍ أَيْضًا - رَجُلٍ آخَرَ - مَنْ مَالِي عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَالثُّلُثُ إنَّمَا هُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي؟

قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا، كَانَ أَوَّلَ زَمَانِهِ يَقُولُ: إنْ عُلِمَ بِمَوْتِهِ أُسْلِمَتْ الْعَشَرَةُ إلَى الْبَاقِي مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ حَاصَّ الْوَرَثَةُ بِهَا هَذَا الْبَاقِيَ فَيَكُونُ لِلْبَاقِي خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. سَحْنُونٌ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ كَلَّمْنَاهُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ تُسَلَّمَ الْعَشَرَةُ إلَى الْبَاقِي - عُلِمَ بِمَوْتِهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ - ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَعْوَامٍ فِي آخِرِ زَمَانِهِ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُحَاصَّ بِهَا الْوَرَثَةَ - عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ - قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَكَرَ ابْنُ دِينَارٍ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْآخَرَ هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِهِ قَدِيمًا، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ قَدْ أَخْبَرْتُكَ بِهَا أَنَّهُ قَالَهَا، وَكُلٌّ قَدْ حَفِظْنَاهُ عَنْهُ، وَأَنَا أَرَى أَنَّ الْوَرَثَةَ يُحَاصُّونَ بِهَا - عَلِمَ الْمَيِّتُ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ - وَهُوَ قَوْلُهُ الْآخَرُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَثُلُثَا مَالِي لِفُلَانِ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْمُوصِي؟

قَالَ: هَذَا عِنْدِي مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْوَصِيَّةِ، فِي الْعَشَرَةِ لِهَذَا وَالْعَشَرَةِ لِهَذَا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا صَاحِبَ الثُّلُثِ كَانَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا ثُلُثَا ثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْآخَرَ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ - إنْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ - فَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَقِسْ عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوْسَطِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ جَمِيعُ الثُّلُثِ، أَيُّهُمَا مَاتَ مِنْهُمَا أَسْلَمَ إلَى الْبَاقِي جَمِيعَ الثُّلُثِ، فَعَلَى هَذَا فَقِسْ جَمِيعَ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ. وَاَلَّذِي آخُذُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثَا الثُّلُثِ وَيُحَاصُّهُ الْوَرَثَةُ بِهِ، عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَمَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ الْمُوصَى لَهُمَا قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ؟

قَالَ مَالِك: نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ.

[فِي إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لِلْمُوصِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا أَوْصَى فِي مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ إلَيْهِمْ الْمَيِّتُ ذَلِكَ، أَوْ طَلَبَ إلَيْهِمْ فَأَجَازُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا نُجِيزُ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اسْتَأْذَنَهُمْ، فَكُلُّ وَارِثٍ بَائِنٌ عَنْ الْمَيِّتِ مِثْلُ الْوَلَدِ الَّذِينَ قَدْ بَانُوا عَنْ أَبِيهِمْ أَوْ أَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ، الَّذِينَ لَيْسُوا فِي عِيَالِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا. وَأَمَّا امْرَأَتُهُ وَبَنَاتُهُ اللَّائِي لَمْ يَبِنَّ مِنْهُ وَكُلُّ ابْنٍ فِي عِيَالِهِ - وَإِنْ كَانَ قَدْ احْتَلَمَ - فَإِنَّ أُولَئِكَ إنْ رَجَعُوا فِيمَا أَذِنُوا لَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْتَأْذِنُ فِي مَرَضِهِ، إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْوَلَدِ الَّذِينَ لَمْ يَبِينُوا عَنْهُ. قَالَ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَرِثُهُ مِثْلُ الْإِخْوَةِ الَّذِينَ هُمْ فِي عِيَالِهِ أَوْ بَنِي الْعَمِّ، وَيَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَهُمْ يَخَافُونَ إنْ هُمْ مَنَعُوهُ إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ضَرَرًا بِهِمْ فِي رُفْقَةٍ بِهِمْ، كَمَا يَخَافُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالِابْنِ الَّذِي قَدْ احْتَلَمَ وَهُمْ فِي عِيَالِهِ. وَرَأْيِي أَنَّ إجَازَتَهُمْ تِلْكَ خَوْفٌ مِنْهُ لِقَطْعِ مَنْفَعَتِهِ عَنْهُمْ وَلِضَعْفِهِمْ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>