للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتَغَيَّرْ الْهِبَةُ بِنَمَاءٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَكَانَتْ عَلَى حَالِهَا، فَلِلَّذِي وَهَبَهَا أَنْ يَأْخُذَهَا إلَّا أَنْ يُثِيبَهُ وَلَا يَلْزَمُ الَّذِي قَبِلَهَا الثَّوَابُ عَلَى مَا يُحِبُّ أَوْ يَكْرَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَمَنٌ لِتِلْكَ الْهِبَةِ، أُجْبِرَ الْوَاهِبُ عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَثَابَهُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لِلْهِبَةِ بِثَمَنٍ، ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْهِبَةِ يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا قَبِلَ ذَلِكَ إلَّا انْتِظَارًا لِتَمَامِ ثَوَابِ الْهِبَةِ، فَإِذَا حَلَفَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ الثَّوَابِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ رَدَّ الْهِبَةَ وَأَخَذَ عِوَضَهُ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ لَمْ تَتَغَيَّرْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالشُّفْعَةُ كَذَلِكَ إذَا وَهَبَ رَجُلٌ لِلثَّوَابِ شِقْصًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا أَبَدًا إنْ كَانَ وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ حَتَّى يُثَابَ مِنْ هِبَتِهِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يُثِيبَهُ أَخَذَ الْوَاهِبُ دَارِهِ وَلَمْ تَكُنْ فِيهَا شُفْعَةٌ لِأَحَدٍ. قُلْت: فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرْجِعَ فِي هِبَتِي؟

قَالَ: نَعَمْ.، إلَّا أَنْ يُعَوِّضَك عِوَضًا آخَرَ، يَكُونُ قِيمَةُ الْهِبَةِ أَوْ أَكْثَرُ مَكَانَ الْعِوَضِ الَّذِي اسْتَحَقَّ، فَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ إنْ أَعْطَاك عِوَضًا مَكَانَ الْعِوَضِ الَّذِي اسْتَحَقَّ.

قُلْت: فَإِنْ عَوَّضَنِي مِنْهَا عِوَضًا ضِعْفَ قِيمَةِ الْهِبَةِ. ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فَأَرَدْت أَنْ أَرْجِعَ فِي هِبَتِي فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَنَا أُعْطِيك قِيمَةَ الْهِبَةِ عِوَضًا مِنْ هِبَتِك. وَقُلْت: لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تُعْطِيَنِي قِيمَةَ الْعِوَضِ، وَقِيمَةُ الْعِوَضِ الَّذِي اسْتَحَقَّ ضِعْفُ قِيمَةِ الْهِبَةِ؟

قَالَ: لَا أَرَى لَك إلَّا قِيمَةَ الْهِبَةِ، لِأَنَّ الَّذِي زَادَك أَوَّلًا فِي عِوَضِهِ عَلَى قِيمَةِ هِبَتِك إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا مِنْهُ تَطَاوَلَ بِهِ عَلَيْك، فَلَمَّا اسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَك عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ هِبَتِك.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ تَصَدَّقْت بِصَدَقَةٍ لِلثَّوَابِ، أَيَبْطُلُ الثَّوَابُ وَتَجُوزُ الصَّدَقَةُ أَوْ يَجْعَلُهَا مَالِكٌ هِبَةً؟

قَالَ: أَجْعَلُهَا هِبَةً إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الثَّوَابِ.

قُلْت: فَإِنْ وَهَبْت لِرَجُلٍ دَيْنًا لِي عَلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي ذَلِكَ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَهَبَ دَيْنَهُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الثَّوَابِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَ وَهَبَهُ لِلثَّوَابِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَيَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ

[فِي الرَّجُلِ يَهَبُ لِرَجُلَيْنِ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ]

ٍ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت أَرْضًا لِرَجُلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ، أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَقَبَضَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الْأَرْضِ، أَيَكُونُ قَبْضُ الْحَاضِرِ قَبْضًا لِلْغَائِبِ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْغَائِبُ عَلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْغَائِبُ بِالْهِبَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ.، قَبْضُ الْحَاضِرِ قَبْضٌ لِلْغَائِبِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ وَهَبْت لِرَجُلٍ هِبَةً وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَمَرْت رَجُلًا أَنْ يَقْبِضَهَا لِلْغَائِبِ، أَيَكُونُ هَذَا قَبْضًا لِلْغَائِبِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى غَائِبٍ فَأَخْرَجَهَا فَجَعَلَهَا عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ لِذَلِكَ الْغَائِبِ، فَحَازَهَا هَذَا الَّذِي جُعِلَتْ عَلَى يَدَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>