للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عِوَضِهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَوِّضُ إنَّمَا أَرَادَ بِالْعِوَضِ حِينَ عَوَّضَ الْوَاهِبَ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ - أَرَادَ بِذَلِكَ الْعِوَضِ هِبَةً لِلْمَوْهُوبِ لَهُ - يُرَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ، فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ بِعِوَضِهِ السَّلَفَ فَلَهُ أَنْ يَتْبَعَ الْمَوْهُوبَ لَهُ. قُلْت: وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ؟

قَالَ: نَعَمْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِعِوَضِهِ هِبَةً عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، يُرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا وَجْهَ الثَّوَابِ وَلَا وَجْهَ يُرَى أَنَّهُ إنَّمَا عَوَّضَهُ لِيَكُونَ سَلَفًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ. قُلْت: أَرَأَيْت الْهِبَةَ إذَا تَغَيَّرَتْ بِنَمَاءِ أَوْ نُقْصَانِ بَدَنٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا؟

قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَإِنْ نَقَصَتْ، وَلَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَإِنْ زَادَتْ وَقَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فِيهَا

قُلْت: أَرَأَيْت إذَا وَهَبْت هِبَةً فَحَالَتْ أَسْوَاقُهَا، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرْجِعَ فِيهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِيهَا فِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ، وَلَا أَرَى لَهُ شَيْئًا إلَّا هِبَتَهُ، إلَّا أَنْ تَفُوتَ فِي بَدَنِهَا بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهَا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِرَجُلٍ وَهَبَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَرَجَعَ فِيهَا. قَالَ: يَرْجِعُ فِي قِيمَتِهَا يَوْمَ وَهَبَهَا وَنَمَاؤُهَا لِلَّذِي وُهِبَتْ لَهُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ: وَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ وَهَبَ غُلَامًا عِنْدَ صَاحِبِهِ وَشَبَّ. قَالَ: لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ وَهَبَهُ.

[الثَّوَاب أَقَلّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَة أَوْ أَكْثَر وَقَدْ نَقَصَتْ الْهِبَة أَوْ زَادَتْ أَوْ حَالَتْ أَسْوَاقُهَا]

قُلْت: أَرَأَيْت هَذَا الَّذِي وَهَبَ هِبَةً لِلثَّوَابِ إذَا اشْتَرَطَ الثَّوَابَ، أَوْ يَرَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ الثَّوَابَ فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ رَضِيَ بِذَلِكَ وَإِلَّا أَخَذَ هِبَتَهُ. قُلْت: فَإِنْ أَثَابَهُ قِيمَةَ هِبَتِهِ، فَأَبَى أَنْ يَرْضَى وَالْهِبَةُ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَثَابَهُ قِيمَةَ الْهِبَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ عَلَى الْهِبَةِ سَبِيلٌ. قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَدْ تَغَيَّرَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْهِبَةِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا تَغَيَّرَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، فَالْقِيمَةُ لَازِمَةٌ لَهُ. قُلْت: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ هِبَتَهُ نَاقِصَةً وَقَالَ لَا أُرِيدُ الْقِيمَةَ؟

قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا إذَا نَقَصَتْ إنَّمَا تَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى الَّذِي وُهِبَتْ لَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ. قُلْت: فَإِنْ أَبَى أَنْ يُثِيبَهُ وَرَضِيَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ؟

قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَاهِبُ أَنْ يَقْبَلَهَا ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ حَتَّى يُثَابَ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>