للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْضَى، فَإِنْ رَضِيَ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا رَضِيَ بِهِ. قَالَ: وَسَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ بْنِ أَنْعُمَ الْمَعَافِرِيَّ يُحَدِّثُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَيُّمَا رَجُلٍ وَهَبَ هِبَةً ثُمَّ لَمْ يُثَبْ مِنْهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَهَا بِعَيْنِهَا عِنْدَ مَنْ وَهَبَهَا لَهُ - لَمْ يُتْلِفْهَا أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ - فَلْيَرْجِعْ فِيهَا عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، ثُمَّ تُرَدُّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا مُثِيبًا، فَحُبِسَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلْيَقْضِ لَهُ بِشَرْوَاهَا يَوْمَ وَهَبَهَا لَهُ إلَّا مَنْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، أَوْ الزَّوْجَانِ أَيُّهُمَا أَعْطَى صَاحِبَهُ شَيْئًا طَيِّبَةً بِذَلِكَ نَفْسُهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُثَبْ.

وَإِنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ سُئِلَ عَنْ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَهْرًا فَنَمَى عِنْدَهُ ثُمَّ عَادَ فِيهِ الْوَاهِبُ، فَقَالَ عَطَاءٌ: تُقَامُ قِيمَتُهُ يَوْمَ وَهَبَهُ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ بِالشَّامِ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْ اقْضِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ وَهَبَهُ، أَوْ شَرْوَى الْمَهْرِ يَوْمَ وَهَبَهُ فَلْيَدْفَعْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَيْهِ. مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ الْحَدِيثَانِ.

[الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمُوتُ أَوْ الْوَاهِبُ قَبْلَ أَنْ يُثَابَ مِنْ هِبَتِهِ]

فِي الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمُوتُ أَوْ الْوَاهِبُ قَبْلَ أَنْ يُثَابَ مِنْ هِبَتِهِ قُلْت: فَإِنْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُثِيبَ الْوَاهِبَ مِنْ هِبَتِهِ، فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، يَكُونُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ مَا كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِمْ مِنْ الثَّوَابِ مَا كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هِبَتَهُ، وَالْهِبَةُ فِيهَا شَرْطٌ لِلثَّوَابِ أَوْ لَا شَرْطَ فِيهَا، وَلَكِنْ يَرَى أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهَا لِلثَّوَابِ، أَتَنْتَقِضُ الْهِبَةُ وَتَكُونُ الْهِبَةُ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ أَمْ لَا تَنْتَقِضُ؟ قَالَ: نَعَمْ تَنْتَقِضُ لِأَنَّهَا لِلثَّوَابِ. قُلْت: وَيَكُونُ مَحْمَلُهَا مَحْمَلَ الْبَيْعِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ مَحْمَلُهَا مَحْمَلَ الْبَيْعِ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِلثَّوَابِ فَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ. الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا وُهِبَتْ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ فَلَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا، أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِصَاحِبِهَا إلَّا سِلْعَتُهُ إذَا لَمْ يُثِبْهُ الَّذِي قَبَضَهَا قَدْرَ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ مَثُوبَةِ هِبَتِهِ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إذَا لَمْ يَرْضَ، مِنْهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فَالْهِبَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مُخَالِفَةٌ لِلْبَيْعِ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِلثَّوَابِ فَالثَّوَابُ وَاجِبٌ لَهُ عَلَى الَّذِي وَهَبَ لَهُ إنْ عَاشَ أَوْ مَاتَ وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ هِبَةً عَلَى غَيْرِ الثَّوَابِ فَلَيْسَ لَهُ ثَوَابٌ إنْ عَاشَ الَّذِي وُهِبَتْ لَهُ أَوْ مَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ إنْ أَعْمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْمِرْ، وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ الْمَيِّتِ أَنْ يَتَعَقَّبُوا عَطَاءَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>