للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْقَابِهِمْ - وَلَيْسَ لَهُ يَوْمئِذٍ عَقِبٌ - فَأَنْفَذَهُ لَهُمْ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَلَكَ وَلَدُهُ، ثُمَّ بَقِيَ بَنُو بَنِيهِ وَبَنُو بَنِي بَنِيهِ، هَلْ لِبَنِي بَنِيهِ مَعَ آبَائِهِمْ فِي الْحَبْسِ شَيْءٌ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يُعْطَى بَنُو بَنِيهِ مِنْ الْحَبْسِ كَمَا يُعْطَى بَنُو بَنِيهِ إذَا كَانُوا مِثْلَهُمْ فِي الْحَالِ وَالْحَاجَةِ وَالْمُؤْنَةِ، إلَّا أَنَّ الْأَوْلَادَ مَا دَامُوا صِغَارًا وَلَمْ يَبْلُغُوا وَلَمْ يَتَزَوَّجُوا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُؤْنَةٌ فَإِنَّمَا يُعْطِي الْأَبُ بِقَدْرِ مَا يُمَوَّنُ وَمَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ، وَتَكُونَ حَاجَتُهُ وَمُؤْنَتُهُ مِثْلَ حَاجَةِ الْبَنِينَ فَهُمْ فِيهِ شَرْعًا سَوَاءٌ إذَا كَانَ مَوْضِعًا، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُ لَهُمْ وَيُعْطَى آبَاؤُهُمْ عَلَى قَدْرِ عِيَالِهِمْ.

[فِي الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ يَمُوتُ وَقَدْ رَمَى فِي الْحَبْسِ مَرَمَّةً وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَوْ ذَكَرَهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَبَسَ دَارًا لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الْبَنِينَ بَنِي فِي الدَّارِ بُنْيَانًا، أَوْ أَدْخَلَ خَشَبَةً فِي بِنَاءِ الدَّارِ، أَوْ أَصْلَحَ فِيهَا شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَا أَدْخَلَ فِي الدَّارِ ذِكْرًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى لِوَرَثَتِهِ فِيهَا شَيْئًا.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَ الْخَشَبَةَ الَّتِي أَدْخَلَ أَوْ مَا أَصْلَحَ فَقَالَ: خُذُوهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِي، أَوْ أَوْصَى بِهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا كَثِيرًا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ؟

قَالَ: الَّذِي أَخْبَرْتُك عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إذَا بَنَى أَوْ أَدْخَلَ خَشَبَةً فَأَرَى مَالِكًا قَدْ ذَكَرَ الْبِنَاءَ، وَذَلِكَ عِنْدِي كُلُّهُ سَوَاءٌ. وَقَدْ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: لَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مُحَرَّمًا وَلَا صَدَقَةً إلَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ، مِثْلُ السُّتْرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْمَيَازِيبِ مَا لَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ وَلَا قَدْرُهُ، فَأَمَّا الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَهُ الْقَدْرُ فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِ يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ وَيَأْخُذُ وَرَثَتُهُ.

[فِي الرَّجُلِ يَحْبِسُ حَائِطَهُ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ حَبَسَ رَجُلٌ نَخْلَ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى مَاتَ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: إذَا مِتُّ فَحَائِطِي عَلَى الْمَسَاكِينِ حَبْسٌ لَهُمْ تَجْرِي عَلَيْهِمْ غَلَّتُهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ فَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ بَتِّ صَدَقَةٍ أَوْ بَتِّ عِتْقٍ لَيْسَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَقْبِضَ مِنْ يَدَيْهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ مِنْ يَدَيْهِ كَانَ مَوْقُوفًا لَا يَجُوزُ لِمَنْ قَبَضَهُ أَكَلَ غَلَّتَهُ إنْ كَانَتْ لَهُ غَلَّةٌ، وَلَا أَكَلَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ حَتَّى يَمُوتَ، فَيَكُونَ فِي الثُّلُثِ أَوْ يَصِحَّ، فَيَنْفُذَ الْبَتْلُ كُلُّهُ إنْ كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمَرَ بِإِنْفَاذِ ذَلِكَ، وَإِنَّ فِعْلَ الصَّحِيحِ لَيْسَ يَجُوزُ مِنْهُ إلَّا مَا قُبِضَ وَحِيزَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ يُفْلِسَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ كَانَ لَهُ قَوْلٌ فِي فِعْلِ الْمَرِيضِ إذَا كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>