للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خَلَطَ دَرَاهِمَ فَضَاعَتْ]

فِيمَنْ خَلَطَ دَرَاهِمَ فَضَاعَتْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدَّرَاهِمَ إذَا خَلَطَهَا فَضَاعَ بَعْضُهَا، أَيَكُونُ الضَّيَاعُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيمَا بَقِيَ بِقَدْرِ مَا لِهَذَا فِيهَا وَبِقَدْرِ مَا لِهَذَا فِيهَا قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ دَرَاهِمَ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِ هَذَا. قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ هَذَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِ هَذَا فَمُصِيبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْهُ، لِأَنَّ دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْرُوفَةٌ.

[فِيمَنْ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيُّ بِشَعِيرٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَوْدَعْت رَجُلًا حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّبِيِّ: مَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ أَفْسَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا يُتْبَعُ بِهِ. فَالْجَوَابُ فِي مَسْأَلَتِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ ضَامِنٌ لِشَعِيرٍ مِثْلِ شَعِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ، وَضَامِنٌ لِحِنْطَةٍ مِثْلِ حِنْطَةِ الْمُسْتَوْدَعِ إلَّا أَنْ يَشَاءَا أَنْ يَتْرُكَا الصَّبِيُّ وَيَكُونَانِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ شَرِيكَيْنِ، هَذَا بِقِيمَةِ حِنْطَتِهِ وَهَذَا بِقِيمَةِ شَعِيرِهِ.

قُلْتُ: أَبِقِيمَةِ حِنْطَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى كَيْلِ حِنْطَةِ هَذَا فَتُقَوَّمُ، وَإِلَى كَيْلِ شَعِيرِ هَذَا فَيُقَوَّمُ فَيَكُونَانِ. شَرِيكَيْنِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَنَا أَغْرَمُ لَكَ مِثْلَ شَعِيرِكَ هَذَا أَوْ مِثْلَ حِنْطَتِكَ وَآخُذُ هَذَا كُلَّهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَحِلُّ هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي خَلَطَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِمِثْلِ الْحِنْطَةِ الَّتِي خَلَطَهَا.

قُلْتُ: لِمَ أَحْلَلْتَهُ هَهُنَا إذَا كُنْتُ أَنَا الَّذِي خَلَطْتُهُ وَلَمْ تُحِلَّهُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ؟

قَالَ: لِأَنَّ هَذَا قَضَاءٌ قَضَاهُ حِنْطَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ فَلَا يَحِلُّ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هَذَا رَأْيِي.

[فِيمَنْ اُسْتُوْدِعَ دَرَاهِمَ وَحِنْطَةً فَأَنْفَقَهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اسْتَوْدَعْت رَجُلًا دَرَاهِمَ وَحِنْطَةً فَأَنْفَقَ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ أَوْ أَكَلَ بَعْضَ الْحِنْطَةِ أَيَكُونُ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الْحِنْطَةِ وَلِجَمِيعِ الدَّرَاهِمِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا لِمَا أَكَلَ أَوْ مَا أَنْفَقَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ رَدَّ مِثْلَ الْحِنْطَةِ الَّتِي أَكَلَهَا فِي الْوَدِيعَةِ وَمِثْلَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَنْفَقَهَا فِي الْوَدِيعَةِ أَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالْحِنْطَةُ عِنْدِي بِمَنْزِلَتِهَا.

قُلْتُ: أَفَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ قَدْ رَدَّ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَيَحْلِفُ. كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: وَلِمَ جَعَلَ مَالِكٌ الْقَوْلَ قَوْلَهُ؟

قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَمْ آخُذْ مِنْهَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، أَوْ قَالَ قَدْ تَلِفَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ قَدْ تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ كُلَّهَا فَرَدَّ مِثْلَهَا مَكَانَهَا، أَيُبَرَّأُ مِنْ الضَّمَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الدَّرَاهِمِ، فَالْوَدَائِعُ كُلُّهَا مِثْلُ هَذَا إذَا رَدَّ مِثْلَهَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهِ مِثْلَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي رَأْيِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>