للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْنِ وَلَمْ يَغْرِسْ كَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعَرْته أَرْضِي يَبْنِي فِيهَا وَيَغْرِسُ، وَلَمْ أُسَمِّ مَا يَبْنِي فِيهَا وَلَا مَا يَغْرِسُ، وَقَدْ سَمَّيْت الْأَجَلَ فَأَرَدْت إخْرَاجَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَمْنَعَهُ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ وَيَغْرِسَ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَضُرُّ بِأَرْضِك.

قُلْتُ: أَرَأَيْت إنْ أَرَادَ - الَّذِي بَنَى أَوْ غَرَسَ - أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ الْأَجَلِ، أَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ نَقْضَهُ وَغِرَاسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِقِيمَتِهِ وَيَمْنَعَهُ نَقْضَهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَيَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقُضَ مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْت كُلَّ مَا لَيْسَ لِلَّذِي بَنَى وَغَرَسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ إذَا قَلَعَهُ، فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الْقَلْعِ، أَيُعْطِيهِ قِيمَةَ هَذَا الَّذِي إنْ أَقْلَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، لَا يُعْطِيه قِيمَةَ هَذَا الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَلْعِهِ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ، فَكَيْفَ يَأْخُذُ لَهُ ثَمَنًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعَرْته أَرْضِي يَزْرَعُهَا، فَلَمَّا زَرَعَهَا أَرَدْت أَنْ أُخْرِجَهُ مِنْهَا، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ لَك ذَلِكَ حَتَّى يُتِمَّ زَرْعَهُ، لِأَنَّ الزَّرْعَ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ فَتَكُونُ فِيهِ الْقِيمَةُ، فَلِذَلِكَ خَالَفَ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ.

قُلْتُ: فَهَلْ يُجْعَلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ قَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ اقْلَعْ زَرْعَك فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ زَرْعَهُ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْلَعَ زَرْعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ كِرَاءً إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَعَارَهُ الْأَرْضَ لِلثَّوَابِ، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكِرَاءِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَعَرْت مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً فَرَكِبْتهَا إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ، فَلَمَّا رَجَعْت قَالَ صَاحِبُهَا: إنَّمَا أَعَرْتُك إلَى دُونِ الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبْتُهَا إلَيْهِ وَقَدْ تَعَدَّيْت فِي رُكُوبِك دَابَّتِي؟

قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ الَّذِي وَجَدْته فِي مَسَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ: إنْ كَانَ يُشْبِهُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهَا؟

قَالَ: كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَذَلِكَ رَأْيِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَوْ اسْتَعَارَ مُهْرًا فَحَمَلَ عَلَيْهِ عِدْلَ بَزٍّ، إنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعَارَهُ لِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَعِيرًا صُدِّقَ، فَهَذَا هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَعَرْت أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ أَبْنِيَهَا وَأَسْكُنَهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ أَخْرُجُ مِنْهَا وَيَكُونُ الْبُنْيَانُ لِرَبِّ الْأَرْضِ؟

قَالَ: إنْ كَانَ بَيَّنَ الْبُنْيَانِ مَا هُوَ وَضَرْبِ الْأَجَلِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ وَجْهِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبُنْيَانُ مَا هُوَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.

قُلْتُ: فَإِنَّ بَيْنَ الْبُنْيَانِ مَا هُوَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَسْكُنُ مَا بَدَا لِي فَإِذَا خَرَجْت فَالْبِنَاءُ لَكَ؟

قَالَ: إنْ لَمْ يَضْرِبْ الْأَجَلَ فَهَذَا مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ لَا يَجُوزُ.

قُلْتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>