للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَأَيْتَ إنْ بَنَى عَلَى هَذَا وَأَنْتَ لَا تُجِيزُهُ، مَا يَكُونُ لِرَبِّ الْبِنَاءِ وَمَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَا يَكُونُ النَّقْضُ لِرَبِّ النَّقْضِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ سَكَنَ عَلَيْهِ كِرَاءَ الْأَرْضِ.

قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ لَا.

قُلْتُ: فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَعِرْنِي أَرْضَكَ هَذِهِ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنْ أَغْرِسَهَا شَجَرًا، ثُمَّ هِيَ بَعْدَ الْعَشْرِ السِّنِينَ لَكَ بِمَا غَرَسْتُ فِيهَا. قَالَ: هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ، لَيْسَ لِلشَّجَرِ حَدٌّ يُعْرَفُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الشَّجَرِ أَنْ يَغْرِسَ لَهُ شَجَرًا عَلَى وَجْهِ الْجَعْلِ، يَقُولُ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْغَارِسِ: اغْرِسْهَا أُصُولَ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ تِينٍ أَوْ فِرْسِكٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَشْتَرِطُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ إذَا بَلَغَتْ الشَّجَرُ كَذَا وَكَذَا، فَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَلَى مَا شَرَطْت نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذَا هُوَ الْجَائِزُ. وَأَمَّا أَنْ تَقُولَ أُعْطِيكَهَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَإِذَا خَرَجْتَ مِنْ الْأَرْضِ فَمَا فِيهَا مِنْ الْغِرَاسِ فَهُوَ لِي، فَهَذَا لَا يُشْبِهُ الْبُنْيَانَ، لِأَنَّ الْغِرَاسَةَ غَرَرٌ لَا يُدْرَى مَا يَنْبُتُ مِنْهُ وَمَا يَذْهَبُ مِنْهُ وَهَذَا رَأْيِي. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ، أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ بُنْيَانًا مَضْمُونًا يُوَفِّيهِ إيَّاهُ إلَى أَجَلٍ. جَازَ ذَلِكَ. وَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْرِسَ لَهُ كَذَا وَكَذَا شَجَرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوَفِّيهِ إيَّاهَا إلَى أَجَلٍ مِنْ الْآجَالِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا يَضْمَنُهُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعِيرُ الرَّجُلَ الْمَسْكَنَ عَشْرَ سِنِينَ فَيَقْبِضُهُ فَيَمُوتُ الْمُعَارُ، أَيَكُونُ وَرَثَتُهُ مَكَانَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمُعَارُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ عَارِيَّتَهُ، فَوَرَثَتُهُ مَكَانُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُعِيرُ الرَّجُلَ الْمَسْكَنَ، أَوْ يُخْدِمُهُ الْخَادِمَ عَشْرَ سِنِينَ فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَرَثَتُهُ مَكَانُهُ.

قُلْتُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ؟

قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ.

قُلْتُ: فَإِنْ مَاتَ الَّذِي أَعَارَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعَارُ عَارِيَّتَهُ؟

قَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ؟

قَالَ: فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ حَتَّى يُتِمَّ هَذَا سُكْنَاهُ، لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. وَكَذَلِكَ الْعَارِيَّةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ.

[فِي الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعُمْرَى أَيَعْرِفُهَا مَالِكٌ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا حَيَاتَهُ فَمَاتَ الْمَعْمُورُ رَجَعَتْ إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: النَّاسُ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَعْمَرَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ؟

قَالَ: أَمَّا الدَّوَابُّ وَالْحَيَوَانُ. كُلُّهَا وَالرَّقِيقُ، فَتِلْكَ الَّتِي سَمِعْنَا فِيهَا الْعُمْرَى. قَالَ: وَأَمَّا الثِّيَابُ فَلَمْ أَسْمَعْ فِيهَا شَيْئًا، وَلَكِنَّهَا عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهُ عَلَيْهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرُّقْبَى هَلْ يَعْرِفُهَا مَالِكٌ؟

قَالَ: سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَنَا مِنْهُ عَنْ الرُّقْبَى فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهَا. فَفَسَّرْتُ لَهُ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهَا.

قُلْتُ: وَكَيْفَ سَأَلُوهُ عَنْ الْوَقْتِ؟

قَالَ: قَالُوا لَهُ: الرَّجُلَانِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا الدَّارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>