للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَاعَهُمْ فَيَأْخُذُهُ بَعْضُ النَّاسِ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْمَتَاعِ؟

قَالَ مَالِكٌ يَأْخُذُونَ مَتَاعَهُمْ وَلَا شَيْءَ لَهَا وَلَا الَّذِينَ أَصَابُوهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَأَتَى رَبُّهَا، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا بَاعَهَا الَّذِي الْتَقَطَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ؟

قَالَ: مَعْنَى شَأْنُكُمْ بِهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَحْبِسَهَا وَفِي أَنْ يَتَصَدَّقَ، فَأَرَى أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَيَكُونُ لَهُ الثُّمْنُ مِمَّنْ قَبَضَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ فَأَتَى رَبُّهَا، أَيَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ إنَّمَا الْتَقَطْتُهَا لِتَذْهَبَ بِهَا. وَقَالَ الَّذِي الْتَقَطَهَا: إنَّمَا الْتَقَطْتُهَا لِأُعَرِّفَهَا؟

قَالَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي الْتَقَطَهَا.

قُلْتُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَضَاعَتْ، أَيَضْمَنُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ الْتَقَطَ كِسَاءً وَبَيْنَ يَدَيْهِ رُفْقَةٌ، فَصَاحَ بِهِمْ أَلْكُمْ الْكِسَاءُ فَقَالُوا: لَا. فَرَدَّهُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، وَقَدْ أَحْسَنَ حِينَ رَدَّهُ فِي مَوْضِعِهِ. فَأَرَى أَنَا أَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَتَّى يَسِيرَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي الْتَقَطَهُ فِيهِ، ثُمَّ أَتَى بِهِ فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ، بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بِهِ وَمَكَثَ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ. وَاَلَّذِي أَرَادَ مَالِكٌ إنَّمَا رَدَّهُ مَكَانَهُ مِنْ سَاعَتِهِ، وَإِنَّهُ صَاحَ بِالْقَوْمِ يَظُنُّهُ لَهُمْ مِثْلُ الرَّجُلِ يَمْشِي فِي أَثَرِ الرَّجُلِ فَيَجِدُ الشَّيْءَ فَيَأْخُذُهُ وَيَصِيحُ بِهِ أَلَكَ هَذَا، فَيَقُولُ لَهُ لَا، فَيَتْرُكُهُ فَهَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ فَأَحْرَزَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَرَدَّهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ، فِيمَا يُشْبِهُهُ.

[فِي السَّارِقِ يَسْرِقُ مِنْ دَارٍ فِيهَا سَاكِنٌ أَوْ لَا سَاكَنَ فِيهَا ثُمَّ يَدَعُ الْبَابَ مَفْتُوحًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَتَيْت إلَى دَوَابِّ رَجُلٍ مَرْبُوطَةٍ فِي مَذَاوِدِهَا فَحَلَلْتُهَا. فَذَهَبْتُ الدَّوَابُّ، أَأَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي السَّارِقِ يَسْرِقُ مِنْ الْحَانُوتِ وَهُوَ مُغْلَقٌ، لَا يَسْكُنُ فِيهِ أَحَدٌ فَيَفْتَحُهُ ثُمَّ يَدَعُهُ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ رَبُّهُ فِيهِ، فَيَذْهَبُ مَا فِي الْحَانُوتِ: إنَّ السَّارِقَ ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ مِنْ الْحَانُوتِ لِأَنَّهُ فَتَحَهُ، فَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ الدَّوَابُّ فِي دَارٍ، فَفَتَحَ الْبَابَ رَجُلٌ فَذَهَبَتْ الدَّوَابُّ، أَيَضْمَنُهَا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ دَارُ الدَّوَابِّ مَسْكُونَةً فِيهَا قَوْمَةُ الدَّوَابِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَرَقَ مِنْهُ وَتَرَكَ بَقِيَّتَهُ مُبَاحًا لِلنَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّوَابِّ فِي الدَّارِ ضَمِنَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ رَبُّ الدَّوَابِّ فِي الدَّارِ نَائِمًا، أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَضْمَنُ.

قُلْتُ: لِمَ وَهُوَ نَائِمٌ؟

قَالَ: أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ سَارِقًا دَخَلَ بَيْتَ قَوْمٍ وَهُمْ نِيَامٌ، فَفَتَحَ بَابَهُمْ وَقَدْ كَانُوا أَغْلَقُوهُ، فَسَرَقَ بَعْضَ مَتَاعِهِمْ ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَسُرِقَ مَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>