للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِصْرَ لِأَهْلِ قُرَى يَبِيعُونَ سَمَكَهَا مِمَّنْ يَصِيدُ فِيهَا سَنَةً.

قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعُوهَا لِأَنَّهَا تَقِلُّ مَرَّةً وَتَكْثُرُ مَرَّةً، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ تَكُونُ. وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبُحَيْرَاتِ أَوْ الْبِرَكِ أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا يَصِيدُ فِيهَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ.

[مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْخِصْبِ وَالْكَلَأِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ لِي خِصْبًا فِي أَرْضِي، أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَبِيعَهُ مِمَّنْ يَرْعَاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ عَامَهُ ذَلِكَ وَلَا يَبِيعُهُ عَامَيْنِ وَلَا ثَلَاثَةً. قُلْت: وَإِنَّمَا جَوَّزَ مَالِكٌ بَيْعَهُ بَعْدَمَا يَنْبُتُ؟

قَالَ: نَعَمْ.

[مَا جَاءَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ، أَتَكُونُ لَهُ أَمْ لَا تَكُونُ لَهُ حَتَّى. يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْإِمَامَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِحْيَاؤُهَا شَقُّ الْعُيُونِ وَحَفْرُ الْآبَارِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ وَبِنَاءُ الْبُنْيَانِ وَالْحَرْثُ. إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَحْيَاهَا. قَالَ: وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُحْيِيَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ. وَإِنَّمَا. تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا» إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّحَارِيِ وَالْبَرَارِيِ. وَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ وَمَا يَتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُحْيِيَهُ إلَّا بِقَطِيعَةٍ مِنْ الْإِمَامِ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَالِكًا، هَلْ كَانَ يَعْرِفُ هَذَا الَّذِي يَتَحَجَّرُ الْأَرْضَ أَنَّهُ يُتْرَكُ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَإِنْ أَحْيَاهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا؟

قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِي التَّحَجُّرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْإِحْيَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ مَا وَصَفْت لَك الْأَوَّلَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا ثُمَّ أَسْلَمَهَا بَعْدُ حَتَّى تَهَدَّمَتْ آبَارُهَا وَهَلَكَ شَجَرُهَا، وَطَالَ زَمَانُهَا حَتَّى عَفَتْ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك، وَصَارَتْ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ. ثُمَّ أَحْيَاهَا آخَرُ بَعْدَهُ، كَانَتْ لِمَنْ أَحْيَاهَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي أَحْيَاهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا لِمَنْ أَحْيَا فِي غَيْرِ أَصْلٍ كَانَ لَهُ، وَأَمَّا أُصُولُ الْأَرْضِينَ إذَا كَانَتْ لِلنَّاسِ تُخَطَّطُ أَوْ تُشْرَى فَهِيَ لِأَهْلِهَا، وَإِنْ أُسْلِمَتْ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَهَا، وَهُوَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْبَرِّيَّةِ فَنَزَلُوا فَجَعَلُوا يَرْعَوْنَ مَا حَوْلَهُمْ، أَيَكُونُ هَذَا إحْيَاءً؟ قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا إحْيَاءً. قُلْت: فَإِنْ حَفَرُوا بِئْرًا لِمَاشِيَتِهِمْ، أَيَكُونُ هَذَا إحْيَاءً لِمَرَاعِيهِمْ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَكُونَ هَذَا إحْيَاؤُهُمْ أَحَقُّ بِمَائِهِمْ حَتَّى يُرْوَوْا، ثُمَّ يَكُونُ فَضْلَةً لِلنَّاسِ وَهُمْ وَالنَّاسُ فِي الْمَرْعَى سَوَاءٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ «لَا يُمْنَعُ فَضْلُ مَاءٍ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» . فَالْكَلَأُ لَا يَمْنَعُهُ إلَّا رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ، فَهَذَا الَّذِي يَمْنَعُ كَلَأَهَا وَيَبِيعُ كَلَأَهَا إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ فِيمَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْت، فَلَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>