للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْيَاءً، وَلَكِنَّهُمْ أَوْلَى بِبِئْرِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا وَلَا يَمْنَعُوا فَضْلَ مَائِهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ أَرْضًا فِي فَلَاةٍ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَسَيَّلَ رَجُلٌ مَاءَهَا، أَيَكُونُ هَذَا إحْيَاءً؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا أَوْ أُرَاهُ إحْيَاءً لَهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَرْضًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا الْغِيَاضُ وَالشَّجَرُ فَقَطَعَهُ وَنَقَّاهُ، أَيَكُونُ هَذَا إحْيَاءً؟ قَالَ مَالِكٌ: هَذَا إحْيَاءٌ لَهَا.

[فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا إلَى جَنْبِ بِئْرِ جَارِهِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً عَنْ؛ بِئْرِ جَارٍ لَهُ، وَكَانَ أَحْيَاهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَانْقَطَعَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى وَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا انْقَطَعَ مِنْ حَفْرِ هَذِهِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ، أَيُقْضَى لَهُ عَلَى هَذَا بِرَدْمِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ مَا يَضُرُّ بِبِئْرِهِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ فَلَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى هَذَا فَيَرْدِمَ بِئْرَهُ الَّتِي حَفَرَهَا.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ حَفَرَهَا فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ حَفَرَهَا إلَى جَنْبِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ وَهِيَ تَضُرُّ بِبِئْرِ الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ أَمْرِ رَبِّ الْبِئْرِ فَعَطِبَ رَجُلٌ فِي تِلْكَ الْبِئْرِ، أَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ فِيهَا هَذَا الَّذِي حَفَرَهَا مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَطِبَ فِيهَا.

قُلْت أَرَأَيْت الْآبَارَ الَّتِي تَكُونُ فِي الدُّورِ، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَمْنَعَ جَارِي مِنْ أَنْ يَحْفِرَ فِي دَارِهِ بِئْرًا يَضُرُّ بِبِئْرِي الَّتِي فِي دَارِي أَمْ لَا؟ قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ فِي دَارِهِ بِئْرًا إلَى جَنْبِ جِدَارِهِ، فَحَفَرَ جَارُهُ فِي دَارِهِ بِئْرًا إلَى جَنْبِ جِدَارِهِ مِنْ خَلْفِهَا. قَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِبِئْرِ جَارِهِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ كَنِيفًا أَيْضًا يَضُرُّ ذَلِكَ بِبِئْرِي مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بِئْرِي فِي وَسَطِ دَارِي، فَحَفَرَ جَارِي فِي وَسَطِ دَارِهِ بِئْرًا يَضُرُّ بِبِئْرِي مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ. وَسَطُ الدَّارِ وَغَيْرُ وَسَطِهَا سَوَاءٌ يَمْنَعُ جَارَهُ مِنْ أَنْ يُحْدِثَ فِي دَارِهِ بِئْرًا تَضُرُّ بِبِئْرِ جَارِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.

[فِي الرَّجُلِ يَفْتَحُ كُوَّةً فِي دَارِهِ يُطِلُّ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ]

ِ قُلْت: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى قَصْرًا إلَى جَنْبِ دَارِي وَرَفَعَهَا عَلَيَّ وَفَتَحَ فِيهَا أَبْوَابًا وَكُوًى، يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى عِيَالِي أَوْ عَلَى دَارِي، أَيَكُونُ لِي أَنْ أَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ غُرْفَةً عَلَى جَارِهِ، فَفَتَحَ عَلَيْهِ كُوًى فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُوضَعَ وَرَاءَ تِلْكَ الْكُوَى سَرِيرٌ، أَوْ يَقُومَ عَلَيْهِ رَجُلٌ. فَإِنْ كَانَ يَنْظُرُ إلَى مَا فِي دَارِ الرَّجُلِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْظُرْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ. وَرَأَى مَالِكٌ أَنَّهُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرًا مُنِعَ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>