للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي غَيْرِ بَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ وَرَاءَهُ فِي بَلَدِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ لَهُ: إنَّهُ قَدْ يَخَافُ أَنْ يَحْتَاجَ فِي سَفَرِهِ وَلَا قُوتَ مَعَهُ؟

قَالَ: أَرَى أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ حَتَّى يَقْدُمَ بَلَدَهُ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ حَتَّى يَقْدُمَ إلَى بِلَادِهِ، أَتَرَى أَنْ يُقَسِّمَ زَكَاتَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ.

قَالَ: وَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَيَخْرُجُ إلَى الْمَدِينَةِ بِتِجَارَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يُدِيرُ التِّجَارَةَ وَلَهُ مَالٌ نَاضٌّ بِمِصْرَ وَمَالٌ بِالْحِجَازِ؟ فَقَالَ: لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُزَكِّيَ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ مَا مَعَهُ وَمَا خَلَّفَهُ بِمِصْرَ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: فَإِنْ كَانَ مَالُهُ خَلَّفَهُ بِمِصْرَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يُسَلِّفَهُ زَكَاتَهُ حَيْثُ هُوَ؟

قَالَ: فَلْيَتَسَلَّفْ وَلْيُؤَدِّ حَيْثُ هُوَ، قَالَ فَقُلْنَا لَهُ: فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ وَلَيْسَ مَعَهُ قُوتُ ذَلِكَ، قَالَ: فَلْيُؤَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى يَقْدُمَ بَلَدَهُ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ يُقَسِّمُ فِي بِلَادِهِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ كُبَرَاءِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ أَشْهَبُ: إنْ كَانَ مَالُهُ وَرَاءَهُ فِي بِلَادِهِ وَكَانَ يُقَسِّمُ فِي بِلَادِهِ عَاجِلًا عِنْدَ حَوْلِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا أَرَى أَنْ يُقَسِّمَهَا فِي سَفَرِهِ. وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَهْلِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ حَاجَةٌ مُفْدِحَةٌ وَنَازِلَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَحَبُّ إلَيَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِهِ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ إنْ كَانَ يَجِدُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاةُ مَالِهِ بِبَلَدِهِ فَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ.

[إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ]

ٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ صَدَقَةَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَمَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْحَبِّ وَالْقُطْنِيَّةِ أَوْ الثِّمَارِ، أَتُنْقَلُ هَذِهِ الزَّكَاةُ مَنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ، قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَيْنَ تُقَسَّمُ؟ فَقَالَ: فِي أَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي تُؤْخَذُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، وَفِي مَوَاضِعِهَا الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ فَضْلٌ نُقِلَتْ إلَى أَقْرَبِ الْبُلْدَانِ إلَيْهِمْ، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْمُدُنِ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَبَلَغَ الْإِمَامَ عَنْ بَلَدٍ آخَرَ حَاجَةٌ نَزَلَتْ بِهِمْ أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ أَذْهَبَتْ مَوَاشِيَهُمْ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَنُقِلَتْ إلَيْهِمْ بَعْضُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ، رَأَيْتَ ذَلِكَ صَوَابًا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أُسْوَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ إذَا نَزَلَتْ بِهِمْ الْحَاجَةُ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَلَّتْ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ، وَمَالُهُ بِمِصْرَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، أَتَرَى أَنْ يُقَسِّمَ زَكَاتَهُ بِالْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يُقَسِّمَ زَكَاتَهُ فَبَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حَاجَةٌ. فَبَعَثَ إلَيْهِمْ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مَا رَأَيْتَ بِذَلِكَ بَأْسًا.

قُلْتُ: وَرَأَيْتُهُ صَوَابًا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: تُقَسَّمُ الصَّدَقَةُ فِي مَوَاضِعِهَا، فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَأَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إلَيْهِمْ وَقَدْ نَقَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.

قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ أَشْهَبُ، وَابْنُ الْقَاسِمِ ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ بِمِصْرَ عَامَ الرَّمَادَةِ، يَا غَوْثَاهُ يَا غَوْثَاهُ لِلْعَرَبِ جَهِّزْ إلَيَّ عِيرًا يَكُونُ أَوَّلُهَا عِنْدِي وَآخِرُهَا عِنْدَكَ، تَحْمِلُ الدَّقِيقَ فِي الْعَبَاءِ فَكَانَ عُمَرُ يُقَسِّمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>