للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّاسِ مَكَانَهُ أُقِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِنْ خَافُوا عَلَيْهِ أَخَّرُوهُ حَتَّى يَبْرَأَ وَيَقْوَى ثُمَّ يُقَامَ عَلَيْهِ مَا هُوَ لِلنَّاسِ. لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَسْرِقُ وَيَقْطَعُ يَدَ رَجُلٍ فِي السَّرِقَةِ: إنَّهُ يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ رُبَّمَا عُفِيَ عَنْهُ وَاَلَّذِي هُوَ لِلَّهِ لَا عَفْوَ فِيهِ، فَمِنْ هُنَاكَ يُبْدَأُ بِهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَهُوَ مُحْصَنٌ، فَاجْتَمَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُرْجَمُ وَلَا تُقْطَعُ يَمِينُهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ. قُلْت: فَإِنْ رُجِمَ وَكَانَ عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ فَثَابَ لَهُ مَالٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ مِمَّا اسْتَفَادَ أَوْ مِمَّا وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصَدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ سَرِقَتِهِ، أَيَكُونُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ فِي هَذَا الْمَالِ قِيمَةُ سَرِقَتِهِ أَمْ لَا، وَأَنْتَ لَمْ تَقْطَعْ يَمِينَهُ لِلسَّرِقَةِ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ قَدْ كَانَ لَهُ يَوْمَ سَرَقَ السَّرِقَةَ، لِأَنَّ الْيَدَ لَمْ يُتْرَكْ قَطْعُهَا، وَلَكِنَّهَا دَخَلَ قَطْعُهَا فِي الْقَتْلِ، وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي.

قُلْتُ: هَلْ يُقِيمُ الْإِمَامُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ فِي الْمَسَاجِدِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ. قَالَ: وَالْقِصَاصُ عِنْدِي مِثْلُ الْحُدُودِ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضْرِبَ الْقَاضِي الرَّجُلَ الْأَسْوَاطَ الْيَسِيرَةَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ وَالنَّكَالِ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الشُّهُودُ أَنَّهُ زَنَى بِعَشْرِ نِسْوَةٍ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: حَدٌّ وَاحِدٍ يُجْزِئُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى وَهُوَ بِكْرٌ، ثُمَّ أُحْصِنَ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ حَدٍّ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ لِلَّهِ أَوْ قِصَاصٌ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ مَعَ الْقَتْلِ. وَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا الْفِرْيَةَ، فَإِنَّ الْفِرْيَةَ تُقَامُ ثُمَّ يَقْتُلُ، وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ مَعَ الْقَتْلِ غَيْرُ حَدِّ الْفِرْيَةِ وَحْدَهَا، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُضْرَبُ حَدُّ الْفِرْيَةِ وَحْدَهَا لِئَلَّا يُقَالَ لِصَاحِبِهِ مَا لَك لَمْ يَضْرِبْ لَك فُلَانٌ حَدَّ الْفِرْيَةِ؟ يَعْرِضُ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: لِأَنَّك كَذَلِكَ.

[تَرْكُ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ]

ِ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ عَارِفٌ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ لَمْ يَجْهَلْهُ أَتُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا قَالَ: لَا أَقُومُ السَّاعَةَ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يُدْرَأَ الْحَدُّ، لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ فِي هَذَا وَلَمْ يُقِمْ الْحَدَّ، وَلَمْ يَقُلْ حِينَ خَطَبَ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا لَا يَدَّعِي الْجَهَالَةَ: أُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَإِنَّمَا قَالَ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبَدًا. وَإِنَّمَا ضَرَبَهُمَا عُمَرُ بِالْمُخْفِقَةِ ضَرَبَاتٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ أَتَى امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فِي دُبُرِهَا، وَهِيَ لَيْسَتْ لَهُ بِامْرَأَةٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ، أَيُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: هُوَ وَطْءٌ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اغْتَصَبَهَا فَجَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا، أَيُوجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرَ مَعَ الْحَدِّ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجُلٌ بِصَبِيٍّ، أَوَكَبِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>