للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي ذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا كُلِّهِ جَائِزَةٌ، وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي هَذَا جَائِزَةً جَازَتْ كُتُبُ الْقُضَاةِ عَلَى ذَلِكَ.

[فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْتِ وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ أَوْ صَبِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ]

ٌ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: زَنَيْت وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ. أَيُلَاعَنُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكُونُ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ، أَوْ زَنَيْت وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ زَنَيْت وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ، هَلْ يَكُونُ هَذَا قَاذِفًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: يُلَاعِنُ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَيُجْلَدُ الْحَدُّ لِهَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَاذِفًا أَوْ يَكُونَ مُعْرِضًا إلَّا فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ إذَا عَتَقَا ثُمَّ قَالَ زَنَيْتُمَا فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُضْرَبُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا زَنَيَا وَهُمَا عَبْدَانِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمَا زَنَيَا فِي الْعُبُودِيَّةِ ضُرِبَ الْحَدَّ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ لَهُمَا أَيْضًا: يَا زَانِيَانِ. وَلَمْ يَقُلْ: زَنَيْتُمَا فِي الْعُبُودِيَّةِ وَقَدْ كَانَ زَنَيَا فِي الْعُبُودِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي فِرْيَتِهِ لِأَنَّهُمَا قَدْ زَنَيَا وَوَقَعَ عَلَيْهِمْ اسْمُ الزِّنَا. قَالَ: وَمَنْ قَالَ لِنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَ: يَا زَانٍ. وَقَدْ كَانَ زَنَى فِي نَصْرَانِيَّتِهِ جُلِدَ الْحَدَّ حَدَّ الْفِرْيَةِ، لِأَنَّ مَنْ زَنَى فِي نَصْرَانِيَّةٍ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِنًا لِأَنَّهُ لَا يُضْرَبُ فِيهِ الْحَدَّ. وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ بِفِعْلِهِ زَانِيًا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي صِبَاهُ. قَالَ: وَاَلَّذِي قَالَ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ مُسْتَكْرَهَةٌ. إنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ ضَرَبْتُهُ الْحَدَّ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَمْ أَضْرِبْهُ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الزِّنَا بِالِاسْتِكْرَاهِ غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَيْهَا، فَإِنِّي لَا أَضْرِبُهُ الْحَدَّ أَيْضًا لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ غَصْبًا وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَقُولَ لَهَا إنَّهَا زَانِيَةٌ، فَهَذَا يُخَالِفُ النَّصْرَانِيَّ وَالصَّبِيَّ. وَقَالَ فِي رَجُلٍ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ. فَقَالَ: رَأَيْته يَسْرِقُ مَتَاعَ فُلَانٍ. قَالَ: يَحْلِفُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ وَيَسْتَحِقُّ مَتَاعَهُ وَلَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ.

وَلَوْ أَنَّ شَاهِدًا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ وَلَيْسَ لِلسَّرِقَةِ مَنْ يَطْلُبُهَا وَلَا مَنْ يَدَّعِيهَا، وَكَانَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ رَأَيْته دَخَلَ دَارًا فَأَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا فَأَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَيْسَ لِلْمَتَاعِ طَالِبٌ، رَأَيْتُ أَنْ يُعَاقَبَ الشَّاهِدُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْمُخْرِجِ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتِ مَنْ عَرَّضَ بِالزِّنَا لِامْرَأَتِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْقَذْفِ، أَتَضْرِبُهُ الْحَدَّ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ يُضْرَبُ الْحَدَّ إنْ لَمْ يَلْتَعِنْ.

قُلْتُ: وَيَكُونُ الَّذِي قَذَفَ الَّتِي أَسْلَمَتْ أَوْ الَّتِي أُعْتِقَتْ أَوْ الصَّغِيرَةَ الَّتِي بَلَغَتْ أَوْ امْرَأَتَهُ قَاذِفًا حِينَ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: رَأَيْتُكِ تَزْنِي وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ؟

قَالَ: أَرَاهُ قَاذِفًا السَّاعَةَ. قُلْت: وَهَذَا عِنْدَك سَوَاءٌ قَوْلُهُ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: رَأَيْتُكِ تَزْنِي وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا، إلَّا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>