للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٍ لَا يُؤْخَذُ بِمَنْ قَتَلَ. فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْفِرْيَةَ لَا يُؤْخَذُ بِهَا أَيْضًا، فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ بِهَا.

قُلْت: لِمَ قَالَ مَالِكٌ - فِي النَّصْرَانِيِّ -: إذَا سَرَقَ أَنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا؟ قَالَ: لِأَنَّ السَّرِقَةَ وَالْحِرَابَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا دَخَلَ بِأَمَانٍ فَقَذَفَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَتَحُدُّهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الْأَمَانَ عَلَى أَنْ يَسْرِقُونَا وَلَا عَلَى أَنْ يَشْتُمُونَا وَأَرَى أَنَّ عَلَيْهِمْ الْحَدَّ.

[قَالَ لَهَا يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْتُ بِكَ]

َ قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَ لَهَا رَجُلٌ: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ: زَنَيْت بِكَ. قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدُّ لِلرَّجُلِ وَيُقَامُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا إلَّا أَنْ تَنْزِعَ عَنْ قَوْلِهَا، فَتُضْرَبُ لِلرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ وَيُدْرَأُ عَنْهَا حَدُّ الزِّنَا، وَيُدْرَأُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْ الرَّجُلِ لِأَنَّهَا قَدْ صَدَّقَتْهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قَالَ أَشْهَبُ: تَسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا زَنَيْت بِك إقْرَارًا مِنْهَا بِالزِّنَا كَانَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَحْدُ الْفِرْيَةِ، وَإِنْ قَالَتْ مَا قُلْتُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْجَوَابِ لَمْ أَرَ ذَلِكَ قَذْفًا لِلرَّجُلِ وَلَا إقْرَارًا مِنْهَا وَكَانَ عَلَى الرَّجُلِ الْحَدُّ.

قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ يَا خَبِيثُ؟ قَالَ: يُنَكَّلُ فِي قَوْلِهِ يَا فَاجِرُ وَيَا فَاسِقُ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: يَا خَبِيثُ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ ثُمَّ يُنَكَّلُ. قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْحَدَّ. قُلْتُ: فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَالَ: يُنَكَّلُ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ وَيَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ إلَّا النَّكَالُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ يَا ابْنَ الْخَبِيثَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفًا، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ رَأَيْتُ أَنْ يُحْبَسَ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ نُكِّلَ. قُلْت: فَكَمْ النَّكَالُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؟

قَالَ: عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ، وَحَالَاتُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ. فَمِنْ النَّاسِ مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِالْأَذَى، فَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ الْعُقُوبَةَ الْمُوجِعَةَ. وَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ تَكُونُ مِنْهُ الزَّلَّةُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ قَدْ شَتَمَ شَتْمًا فَاحِشًا أَقَامَ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ قَدْرَ مَا يُؤَدَّبُ مِثْلُهُ فِي فَضْلِهِ، وَإِنْ كَانَ شَتْمًا خَفِيفًا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يَتَجَافَى السُّلْطَانُ عَنْ الْفَلْتَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ ذَوِي الْمُرُوآتِ.

[فِيمَنْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ يَا فَاجِرُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا خَائِنُ أَوْ يَا آكِلَ رِبًا؟ قَالَ: يُنَكِّلُهُ السُّلْطَانُ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: يَا حِمَارُ أَوْ يَا ثَوْرُ أَوْ يَا خِنْزِيرُ؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>